[ ص: 710 ]   420 
ثم دخلت سنة عشرين وأربعمائة 
ذكر ملك  يمين الدولة  الري  وبلد الجبل  
في هذه السنة سار  يمين الدولة محمود بن سبكتكين  نحو الري  ، فانصرف  منوجهر بن قابوس  من بين يديه وهو صاحب جرجان  وطبرستان  ، وحمل إليه أربعمائة ألف دينار وأنزالا كثيرة . 
وكان  مجد الدولة بن فخر الدولة بن بويه  ، صاحب الري  ، قد كاتبه يشكو إليه جنده وكان متشاغلا بالنساء ، ومطالعة الكتب ونسخها ، وكانت والدته تدبر مملكته ، فلما توفيت طمع جنده فيه . واختلت أحواله ، فحين وصلت كتبه إلى  محمود  سير إليه جيشا ، وجعل مقدمهم حاجبه ، وأمره أن يقبض على  مجد الدولة     . فلما وصل العسكر إلى الري  ركب  مجد الدولة  يلتقيهم . فقبضوا عليه وعلى أبي دلف ولده . 
فلما انتهى الخبر إلى  يمين الدولة  بالقبض عليه سار إلى الري  ، فوصلها في ربيع الآخر ، ودخلها ، وأخذ من الأموال ألف ألف دينار ، ومن الجواهر ما قيمته خمسمائة ألف دينار ، ومن الثياب ستة آلاف ثوب ، ومن الآلات وغيرها ما لا يحصى ، وأحضر  مجد الدولة  ، وقال له : أما قرأت شاهنامه ، وهو تاريخ الفرس ، وتاريخ   الطبري  ، وهو تاريخ المسلمين ؟ قال : بلى ! قال : ما حالك من قرأها . أما لعبت بالشطرنج ؟ قال : بلى ! قال : فهل رأيت شاها يدخل على شاه ؟ قال : لا ، قال : فما حملك على أن سلمت نفسك إلى من هو أقوى منك ؟ ثم سيره إلى خراسان  مقبوضا ، ثم ملك قزوين   [ ص: 711 ] وقلاعها . ومدينة ساوة  وآبه  ، ويافت  ، وقبض على صاحبها  ولكين بن وندرين  ، وسيره إلى خراسان    . 
ولما ملك  محمود  الري  كتب إلى الخليفة   القادر بالله  يذكر أنه وجد  لمجد الدولة  من النساء الحرائر ما يزيد على خمسين امرأة ولدن له نيفا وثلاثين ولدا ، ولما سئل عن ذلك ، قال : هذه عادة سلفي . وصلب من أصحابه الباطنية  خلقا كثيرا . ونفى المعتزلة  إلى خراسان  ، وأحرق كتب الفلسفة ومذاهب الاعتزال والنجوم ، وأخذ من الكتب ما سوى ذلك مائة حمل . 
وتحصن منه  منوجهر بن قابوس بن وشمكير  بجبال حصينة ، وعرة المسالك ، فلم يشعر إلا وقد أطل عليه  يمين الدولة  ، فهرب منه إلى غياض حصينة ، وبذل خمسمائة ألف دينار ليصلحه ، فأجابه إلى ذلك ، فأرسل المال إليه ، فسار عنه إلى نيسابور    . 
ثم توفي  منوجهر  عقيب ذلك ، وولي بعده ابنه  أنوشروان  ، فأقره  محمود  على ولايته . وقرر عليه خمسمائة ألف دينار أخرى ، وخطب  لمحمود  في أكثر بلاد الجبل إلى حدود  أرمينية  ، وافتتح ابنه  مسعود  زنجان  وأبهر  ، وخطب له  علاء الدولة  بأصبهان  ، وعاد  محمود  إلى خراسان  واستخلف بالري  ابنه  مسعودا  ، فقصد أصبهان  ، وملكها من  علاء الدولة  ، وعاد عنها ، واستخلف بها بعض أصحابه ، فثار به أهلها فقتلوه ، فعاد إليهم فقتل منهم مقتلة عظيمة نحو خمسة آلاف قتيل . وسار إلى الري  فأقام بها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					