[ ص: 86 ] ثم دخلت سنة ثمان وتسعين 
98 
ذكر محاصرة القسطنطينية   
في هذه السنة سار   سليمان بن عبد الملك  إلى دابق  ، وجهز جيشا مع أخيه   مسلمة بن عبد الملك  ليسير إلى القسطنطينية  ، ومات ملك الروم  ، فأتاه أليون من أذربيجان  فأخبره ، فضمن له فتح الروم  ، فوجه  مسلمة  معه ، فسارا إلى القسطنطينية  ، فلما دنا منها أمر كل فارس أن يحمل معه مدين من طعام على عجز فرسه إلى القسطنطينية  ، ففعلوا ، فلما أتاها أمر بالطعام فألقي أمثال الجبال ، وقال للمسلمين : لا تأكلوا منه شيئا ، وأغيروا في أرضهم وازرعوا . وعمل بيوتا من خشب ، فشتى فيها وصاف ، وزرع الناس ، وبقي الطعام في الصحراء والناس يأكلون ما أصابوا من الغارات ومن الزرع ، وأقام  مسلمة  قاهرا للروم  معه أعيان الناس   خالد بن معدان  ،   ومجاهد بن جبر  ،   وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي  ، وغيرهم . 
فأرسل الروم  إلى  مسلمة  يعطونه عن كل رأس دينارا ، فلم يقبل . فقالت الروم  لأليون     : إن صرفت عنا المسلمين ملكناك . فاستوثق منهم ، فأتى  مسلمة  فقال له : إن الروم  قد علموا أنك لا تصدقهم القتال ، وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك ، فلو أحرقته أعطوا الطاعة بأيديهم ، فأمر به فأحرق ، فقوي الروم  وضاق المسلمون حتى كادوا يهلكون ، وبقوا على ذلك حتى مات  سليمان     . 
وقيل : إنما خدع  أليون  مسلمة  بأن يسأله أن يدخل الطعام إلى الروم  بمقدار ما يعيشون به ليلة واحدة ، ليصدقوه أن أمره وأمر  مسلمة  واحد ، وأنهم في أمان من السبي والخروج من بلادهم ، فأذن له ، وكان  أليون  قد اعد السفن والرجال ، فنقلوا تلك الليلة الطعام ، فلم يتركوا في تلك الحظائر إلا ما لا يذكر ، وأصبح  أليون  محاربا ، وقد خدع   [ ص: 87 ] خديعة لو كانت امرأة لعيبت بها ، ولقي الجند ما لم يلقه جيش آخر ، حتى إن كان الرجل ليخاف أن يخرج من العسكر وحده ، وأكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق ، وكل شيء غير التراب ،  وسليمان  مقيم بدابق  ، وتولى الشتاء فلم يقدر أن يمدهم حتى مات . 
وفي هذه السنة بايع  سليمان  لابنه  أيوب  بولاية العهد ، فمات  أيوب  قبل أبيه . وفي هذه السنة فتحت مدينة الصقالبة  ، وكانت برجان قد أغارت على   مسلمة بن عبد الملك  وهو في قلة ، فكتب إلى  سليمان  يستمده ، فأمده ، فمكرت بهم الصقالبة  ثم انهزموا . وفيها غزا  الوليد بن هشام  وعمرو بن قيس  ، فأصيب ناس من أهل أنطاكية  ، وأصاب  الوليد  ناسا من ضواحي الروم  ، وأسر منهم بشرا كثيرا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					