[ ص: 42 ] ( 527 )
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وخمسمائة
ذكر شمس الملوك بانياس ملك
في هذه السنة ، في صفر ملك شمس الملوك صاحب دمشق حصن بانياس من الفرنج .
وسبب ذلك أن الفرنج استضعفوه وطمعوا فيه ، وعزموا على نقض الهدنة التي بينهم ، فتعرضوا إلى أموال جماعة من تجار دمشق بمدينة بيروت وأخذوها ، فشكا التجار إلى شمس الملوك ، فراسل في إعادة ما أخذوه ، وكرر القول فيه ، فلم يردوا شيئا ، فحملته الأنفة من هذه الحالة والغيظ على أن جمع عسكره وتأهب ، ولا يعلم أحد أين يريد .
ثم سار وسبق خبره أواخر المحرم من هذه السنة ، ونزل على بانياس أول صفر ، وقاتلها لساعته ، وزحف إليها زحفا متتابعا ، وكانوا غير متأهبين ، وليس فيها من المقاتلة من يقوم بها وقرب من سور المدينة ، وترجل بنفسه ، وتبعه الناس من الفارس والراجل ، ووصلوا إلى السور ، فنقبوه ودخلوا البلد عنوة ، والتجأ من كان من جند الفرنج إلى الحصن ، وتحصنوا به ، فقتل من البلد كثير من الفرنج ، وأسر كثير ، ونهبت الأموال ، وقاتل القلعة قتالا شديدا ليلا ونهارا ، فملكها رابع صفر [ ص: 43 ] بالأمان ، وعاد إلى دمشق فوصلها سادسه .
وأما الفرنج فإنهم لما سمعوا نزوله على بانياس شرعوا يجمعون عسكرا يسيرون به إليه ، فأتاهم خبر فتحها ، فبطل ما كانوا فيه .