[ ص: 36 ]   223 
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين 
ذكر قدوم  الأفشين  ببابك   
في هذه السنة قدم  الأفشين  إلى سامرا  ، ومعه  بابك الخرمي  وأخوه  عبد الله  ، في صفر سنة ثلاث وعشرين ومائتين ، وكان  المعتصم  يوجه إلى  الأفشين  في كل يوم ، من حين سار من برزند  إلى أن وافى سامرا  ، خلعة وفرسا فلما صار  الأفشين  بقناطر  حذيفة  تلقاه  هارون الواثق بن المعتصم  ، وأهل بيت  المعتصم  ، وأنزل  الأفشين  بابك  عنده في قصره بالمطيرة  ، فأتاه   أحمد بن أبي دؤاد  متنكرا ، فنظر إلى  بابك  وكلمه ، ورجع إلى  المعتصم  فوصفه له ، فأتاه  المعتصم  أيضا متنكرا فرآه . 
فلما كان الغد قعد  المعتصم  ، واصطف الناس من باب العامة إلى المطيرة  ، فشهره  المعتصم  ، وأمر أن يركب على الفيل ، فركب عليه ، واستشرفه الناس إلى باب العامة ، فقال   محمد بن عبد الملك الزيات     : 
قد خضب الفيل كعادته يحمل شيطان خراسان  والفيل لا تخصب أعضاؤه إلا لذي شأن من الشان ثم أدخل دار  المعتصم  ، فأمر بإحضار سياف  بابك  ، فحضر ، فأمره  المعتصم  أن يقطع يديه ورجليه ، فقطعها ، فسقط ، فأمره بذبحه ، ففعل ، ( وشق بطنه ) ، وأنفذ رأسه إلى خراسان  ، وصلب بدنه بسامرا  ، وأمر بحمل أخيه  عبد الله  إلى  إسحاق بن إبراهيم   [ ص: 37 ] ببغداذ  ، وأمره أن يفعل به ما فعل بأخيه  بابك  ، فعمل به ذلك ، وضرب عنقه ، وصلبه في الجانب الشرقي بين الجسرين . 
قيل : فكان الذي أخرج  الأفشين  من المال مدة مقامه بإزاء  بابك  ، سوى الأرزاق والأنزال والمعارف ، في كل يوم يركب فيه عشرة آلاف درهم وفي [ كل ] يوم لا يركب فيه خمسة آلاف ، فكان جميع من قتل  بابك  في عشرين سنة مائتي ألف وخمسة وخمسين ألفا وخمس مائة إنسان ، وغلب من القواد   يحيى بن معاذ  ،  وعيسى بن محمد بن أبي خالد  ،  وأحمد بن الجنيد  فأسره ،  وزريق بن علي بن صدقة  ،  ومحمد بن حميد الطوسي  ،  وإبراهيم بن الليث     . 
وكان الذين أسروا مع  بابك  ثلاثة آلاف وثلاثمائة وتسعة أناسي ، واستنقذ ممن كان في يده من المسلمات وأولادهن سبعة آلاف وستمائة إنسان ، وصار في يد  الأفشين  من بني بابك  سبعة عشر رجلا ، ومن البنات والنساء ثلاث وعشرون امرأة . 
ولما وصل  الأفشين  توجه  المعتصم  وألبسه بالجوهر ، ووصله بعشرين ألف ألف درهم وعشرة آلاف يفرقها في عسكره ، وعقد له على السند ، وأدخل عليه الشعراء يمدحونه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					