[ ص: 97 ] ذكر قصة الذبح  
واختلف السلف من المسلمين في الذبيح ، فقال بعضهم : هو إسماعيل    . وقال بعضهم : هو إسحاق    . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلا القولين ، ولو كان فيهما صحيح لم نعده إلى غيره . 
فأما الحديث في أن الذبيح إسحاق  فقد روى   الأحنف  ، عن   العباس بن عبد المطلب  ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكر فيه : وفديناه بذبح عظيم  هو إسحاق  ، وقد روي هذا الحديث عن  العباس  من قوله لم يرفعه . 
وأما الحديث الآخر في أن الذبيح إسماعيل  فقد روى  الصنابحي  قال : كنا عند   معاوية بن أبي سفيان  فذكروا الذبيح فقال : على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فضحك - صلى الله عليه وسلم - فقيل  لمعاوية  ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن  عبد المطلب  نذر إن سهل الله حفر زمزم  أن يذبح أحد أولاده ، فخرج السهم على  عبد الله أبي النبي     - صلى الله عليه وسلم - ففداه بمائة بعير ، وسنذكره إن شاء الله ، والذبيح الثاني إسماعيل    . 
ذكر من قال إنه إسحاق  
ذهب   عمر بن الخطاب  ،  وعلي  ،   والعباس بن عبد المطلب  ، وابنه  عبد الله     - رضي الله عنهم - فيما رواه عنه  عكرمة  ،   وعبد الله بن مسعود  ،  وكعب  ،  وابن سابط  ،   وابن أبي الهذيل  ،  ومسروق  إلى أن الذبيح إسحاق  ، عليه السلام . 
 [ ص: 98 ] حدث  عمرو بن أبي سفيان بن أبي أسيد بن أبي جارية الثقفي  أن  كعبا  قال   لأبي هريرة     : ألا أخبرك عن إسحاق  بن إبراهيم  ؟ قال : بلى . قال  كعب     : لما رأى إبراهيم  ذبح إسحاق  قال الشيطان : والله لئن لم أفتتن أحدا منهم بعد ذلك أبدا ، فتمثل رجلا يعرفونه فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم  بإسحاق  ليذبحه دخل على سارة  امرأة إبراهيم  ، فقال لها : أين أصبح إبراهيم  غاديا بإسحاق  ؟ قالت : لبعض حاجته . قال : لا والله إنما غدا به ليذبحه ! قالت سارة    : لم يكن ليذبح ولده . قال الشيطان : بلى والله لأنه زعم أن الله قد أمره بذلك . قالت سارة    : فهذا أحسن أن يطيع ربه . ثم خرج الشيطان ، فأدرك إسحاق  وهو مع أبيه ، فقال له : إن إبراهيم  يريد أن يذبحك . قال إسحاق    : ما كان ليفعل . قال : بلى والله إنه زعم أن ربه أمر بذلك . قال إسحاق    : فوالله لئن أمره ربه بذلك ليطيعنه ! فتركه ولحق إبراهيم  ، فقال : أين أصبحت غاديا بابنك ؟ قال : لبعض حاجتي . قال : لا والله إنما تريد ذبحه ! قال : ولم ؟ قال : لأنك زعمت أن الله أمر بذلك . قال إبراهيم    : فوالله إن كان الله أمرني بذلك لأفعلن . 
فلما أخذ إبراهيم  إسحاق  ليذبحه أعفاه الله من ذلك ، وفداه بذبح عظيم ، وأوحى الله إلى إسحاق    : إني معطيك دعوة أستجيب لك فيها . قال إسحاق    : اللهم فأيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة . 
قال   عبيد بن عمير     : قال  موسى     : يا رب يقولون يا إله إبراهيم  ، وإسحاق  ، ويعقوب  ، فبم نالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم  لم يعدل بي شيئا قط إلا اختارني ، وإن إسحاق  جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود ، وإن يعقوب  كلما زدته بلاء زادني حسن ظن بي . 
  (  أسيد  بفتح الهمزة ، وكسر السين .  وجارية  بالجيم ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					