[ ص: 480 ] 580
ثم دخلت سنة ثمانين وخمسمائة
ذكر مجاهد الدين من الحبس وانهزام العجم إطلاق
في هذه السنة ، في محرم ، أطلق أتابك عز الدين ، صاحب الموصل ، مجاهد الدين قايماز من الحبس بشفاعة شمس الدين البهلوان ، صاحب همذان وبلاد الجبل ، وسيره إلى البهلوان وأخيه قزل يستنجدهما على صلاح الدين ، فسار إلى قزل أولا ، وهو صاحب أذربيجان ، فلم يمكنه من المضي إلى البهلوان ، وقال : ما تختاره أنا أفعله ، وجهز معه عسكرا كثيرا نحو ثلاثة آلاف فارس ، وساروا نحو إربل ليحصروها ، فلما قاربوها أفسدوا في البلاد وخربوها ، ونهبوا وسبوا ، وأخذوا النساء قهرا ، ولم يقدر مجاهد الدين على منعهم ، فسار إليهم زين الدين يوسف ، صاحب إربل ، في عسكره ، فلقيهم وهم متفرقون في القرى ينهبون ويحرقون ، فانتهز الفرصة فيهم بتفرقهم ، وألقى بنفسه وعسكره على أول من لقيه منهم ، فهزمهم ، وتمت الهزيمة على الجميع ، وغنم الإربليون أموالهم ودوابهم وسلاحهم ، وعاد العجم إلى بلادهم منهزمين ، وعاد صاحب إربل إلى بلده مظفرا غانما ، وعاد مجاهد الدين إلى الموصل ، فكان يحكي : إنني ما زلت أنتظر العقوبة من الله تعالى على سوء أفعال العجم ، فإنني رأيت منهم ما لم أكن أظنه يفعله مسلم بمسلم ، وكنت أنهاهم فلا يسمعون ، حتى كان من الهزيمة ما كان .