[ ص: 298 ] 558
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وخمسمائة
ذكر للعاضد شاور بمصر ثم وزارة الضرغام بعده وزارة
في هذه السنة ، في صفر ، وزر شاور [ صاحب للعاضد لدين الله العلوي مصر ، وكان ابتداء أمره ووزارته أنه كان يخدم الصالح ] بن رزيك ولزمه ، فأقبل عليه الصالح وولاه الصعيد ، وهو أكبر الأعمال بعد الوزارة ، فلما ولي الصعيد ظهرت منه كفاية عظيمة وتقدم زائد ، واستمال الرعية والمقدمين من العرب وغيرهم ، فعسر أمره على الصالح ، ولم يمكنه عزله ، فاستدام استعماله ; لئلا يخرج عن طاعته ، فلما جرح الصالح كان من جملة وصيته لولده العادل : إنك لا تغير على ، فإنني أنا أقوى منك وقد ندمت على استعماله ، ولم يمكني عزله ، فلا تغيروا ما به فيكون لكم منه ما تكرهون . شاور
فلما توفي الصالح من جراحته وولي ابنه العادل الوزارة حسن له أهله عزل واستعمال بعضهم مكانه ، وخوفوه منه إن أقره على عمله ، فأرسل إليه بالعزل ، فجمع جموعا كثيرة وسار إلى شاور القاهرة بهم ، فهرب منه العادل ابن الصالح بن رزيك ، فأخذ وقتل ، فكانت مدة وزارته ووزارة أبيه قبله تسع سنين وشهرا وأياما ، وصار وزيرا ، وتلقب بأمير الجيوش ، وأخذ أموال شاور بني رزيك وودائعهم وذخائرهم ، وأخذ منه ( أيضا طي والكامل ابنا ) شيئا كثيرا ، وتفرق كثير منها ، وجحد كثير ، وظهرت عليهم عند انتقال الدولة عن شاور والمصريين إلى شاور الأتراك .
ثم إن الضرغام جمع جموعا كثيرة ، ونازع في الوزارة في شهر رمضان ، [ ص: 299 ] وظهر أمره ، وانهزم شاور منه إلى شاور الشام ، على ما نذكره سنة تسع وخمسين وخمسمائة ، وصار ضرغام وزيرا .
وكان هذه السنة ثلاثة وزراء : العادل بن رزيك ، وشاور ، وضرغام ، فلما تمكن ضرغام من الوزارة قتل كثيرا من الأمراء المصريين لتخلوا له البلاد من منازع ، فضعفت الدولة بهذا حتى خرجت البلاد عن أيديهم .