[ ص: 32 ]   ( 526 ) 
ثم دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة 
ذكر قتل  أبي علي وزير الحافظ  ، ووزارة  يانس  وموته  
في هذه السنة في المحرم قتل  الأفضل أبو علي بن الأفضل بن بدر الجمالي  وزير  الحافظ لدين الله العلوي  صاحب مصر    . 
وسبب قتله أنه قد حجر على الحافظ ، ومنعه أن يحكم في شيء من الأمور ، قليل أو جليل ، وأخذ ما في قصر الخلافة إلى داره ، وأسقط من الدعاء ذكر  إسماعيل  الذي هو جدهم وإليه تنسب الإسماعيلية  ، وهو  ابن جعفر بن محمد الصادق  ، وأسقط من الأذان حي على خير العمل ، ولم يخطب للحافظ ، وأمر الخطباء أن يخطبوا له بألقاب كتبها لهم ، وهي : السيد الأفضل الأجل ، سيد مماليك أرباب الدول ، والمحامي عن حوزة الدين ، وناشر جناح العدل على المسلمين الأقربين والأبعدين ، ناصر إمام الحق في حالتي غيبته وحضوره ، والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره ، أمين الله على عباده ، وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده ، ومرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده ، مولى النعم ، ورافع الجور عن الأمم ، ومالك فضيلتي السيف والقلم ،  أبو علي أحمد السيد الأجل الأفضل ، شاهنشاه  أمير الجيوش . 
وكان إمامي المذهب ، يكثر ذم الآمر ، والتناقص به ، فنفرت منه شيعة العلويين  ومماليكهم وكرهوه ، وعزموا على قتله ، فخرج في العشرين من المحرم من هذه السنة إلى الميدان يلعب بالكرة مع أصحابه ، فكمن له جماعة منهم مملوك فرنجي كان للحافظ ، فخرجوا عليه ، فحمل الفرنجي عليه ، فطعنه فقتله ، وحزوا رأسه ، وخرج الحافظ من الخزانة التي كان فيها ، ونهب الناس دار  أبي علي  ، وأخذ منها ما لا   [ ص: 33 ] يحصى ، وركب الناس والحافظ إلى داره ، فأخذ ما بقي فيها ، وحمله إلى القصر . 
وبويع يومئذ الحافظ بالخلافة ، وكان قد بويع له بولاية العهد ، وأن يكون كافلا لحمل إن كان للآمر ، فلما بويع بالخلافة استوزر  أبا الفتح يانس الحافظي  في ذلك اليوم بعينه ، ولقب أمير الجيوش ، وكان عظيم الهيبة ، بعيد الغور ، كثير الشر ، فخافه الحافظ على نفسه ، وتخيل منه  يانس  فاحتاط ، ولم يأكل عنده شيئا ولا شرب ، فاحتال عليه الحافظ بأن وضع له فراشه في بيت الطهارة ماء مسموما فاغتسل به ، فوقع الدود في سفله ، وقيل له : متى قمت من مكانك هلكت ، فكان يعالج بأن يجعل اللحم الطري في المحل ، فيعلق به الدود فيخرج ويجعل عوضه ، فقارب الشفاء ، فقيل للحافظ : إنه قد صلح ، وإن تحرك هلك ، فركب إليه الحافظ كأنه يعوده ، فقام له ومشى إلى بين يديه ، وقعد الحافظ عنده ، ثم خرج من عنده ، فتوفي من ليلته ، وكان موته في السادس والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة . 
ولما مات  يانس   استوزر الحافظ ابنه  حسنا  ، وخطب له بولاية العهد ، وسيرد   
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					