[ ص: 82 ]   140 
ثم دخلت سنة أربعين ومائة 
ذكر هلاك  أبي داود  عامل خراسان  وولاية  عبد الجبار   
وفي هذه السنة هلك  أبو داود خالد بن إبراهيم الذهلي  عامل خراسان    . 
وكان سبب هلاكه أن ناسا من الجند ثاروا به وهو بكشماهن  ، ووصلوا إلى المنزل الذي هو فيه ، فأشرف عليهم من الحائط ليلا ، فوطئ حرف آجرة خارجة ، وجعل ينادي أصحابه ليعرفوا صوته ، فانكسرت الآجرة تحته عند الصبح ، فسقط على الأرض ، فانكسر ظهره ، فمات عند صلاة العصر . 
فقام  عصام  صاحب شرطته بعده حتى قدم عليه  عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي  عاملا على خراسان  ، فلما قدمها أخذ جماعة من القواد اتهمهم بالدعاء إلى ولد   علي بن أبي طالب  ، منهم :  مجاشع بن حريث الأنصاري  عامل بخارى  ،  وأبو المغيرة خالد بن كثير مولى بني تميم  عامل قوهستان  ،  والحريش بن محمد الذهلي  ، وهو ابن عم  أبي داود  ، فقتلهم وحبس جماعة غيرهم ، وألح على عمال  أبي داود  في استخراج ما عندهم من الأموال . 
ذكر قتل  يوسف الفهري   
في هذه السنة نكث  يوسف الفهري  ، الذي كان أمير الأندلس  ، عهد  عبد الرحمن الأموي     . 
وكان سبب ذلك أن  عبد الرحمن  كان يضع عليه من يهينه ، وينازعه في أملاكه ، فإذا أظهر حجة الشريعة لا يعمل بها ، ففطن لما يراد منه ، فقصد ماردة  واجتمع عليه عشرون ألفا ، فسار نحو  عبد الرحمن  ، وخرج  عبد الرحمن  من قرطبة  نحوه إلى حصن المدور    . 
 [ ص: 83 ] ثم إن  يوسف  رأى أن يسير إلى  عبد الملك بن عمر بن مروان  ، وكان واليا على إشبيلية  ، وإلى ابنه  عمر بن عبد الملك  ، وكان على المدور  ، فسار نحوها ، وخرجا إليه فلقياه ، فاقتتلا قتالا شديدا ، فصبر الفريقان ، وانهزم أصحاب  يوسف  ، وقتل منهم خلق كثير ، وهرب  يوسف  وبقي مترددا في البلاد . 
فقتله بعض أصحابه في رجب من سنة اثنتين وأربعين بنواحي طليطلة  ، وحمل رأسه إلى  عبد الرحمن  ، فنصبه بقرطبة  ، وقتل ابنه  عبد الرحمن بن يوسف  الذي كان عنده رهينة ، ونصب رأسه مع رأس أبيه ، وبقي  أبو الأسود بن يوسف  عند  عبد الرحمن الأموي  رهينة ، وسيأتي ذكره . 
وأما  الصميل  فإنه لما فر  يوسف  من قرطبة  لم يهرب معه ، فدعاه الأمير  عبد الرحمن  وسأله عنه ، فقال : لم يعلمني بأمره ولا أعرف خبره ، فقال : لا بد أن تخبر . فقال : لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه ، فسجنه مع ابني  يوسف     . 
فلما هربا من السجن أنف من الهرب والفرار ، فبقي في السجن ، ثم أدخل إليه بعد ذلك مشيخة مضر  ، فوجدوه ميتا وعنده كأس ونقل ، فقالوا : يا  أبا جوشن  قد علمنا أنك ما شربت ولكن سقيت ! ودفع إلى أهله فدفنوه . 
ذكر عدة حوادث  
في هذه السنة هلك  أذفنش  ملك جليقية  وملك بعده ابنه  تدويلية  ، وكان أشجع من أبيه ، وأحسن سياسة للملك وضبطا له ، وكان ملك أبيه ثماني عشرة سنة . ولما ملك ابنه قوي أمره ، وعظم سلطانه ، وأخرج المسلمين من ثغور البلاد ، وملك مدينة لك  ، وبرطقال  ، وشلمنقة  ، وشمورة  ، وأيلة  ، وشقوبية  وقشتالة  ، وكل هذه من الأندلس    . 
وفيها سير  المنصور  عبد الوهاب ابن أخيه إبراهيم الإمام  ،  والحسن بن قحطبة  في سبعين ألفا من المقاتلة إلى ملطية  ، فنزلوا عليها وعمروا ما كان خربه الروم  منها ، ففرغوا من العمارة في ستة أشهر ، وكان  للحسن  في ذلك أثر عظيم ، وأسكنها  المنصور  أربعة آلاف من الجند ، وأكثر فيها من السلاح والذخائر ، وبنى حصن قلوذية    . 
ولما سمع ملك الروم  بمسير  عبد الوهاب  ،  والحسن  إلى ملطية  ، سار إليهم في مائة   [ ص: 84 ] ألف مقاتل فنزل جيحان  ، فبلغه كثرة المسلمين فعاد عنهم . ولما عمرت ملطية  عاد إليها من كان باقيا من أهلها . 
وفيها حج  المنصور  ، فأحرم من الحيرة  ، فلما قضى حجه توجه إلى بيت المقدس  ، وسار منه إلى الرقة  ، فقتل بها  منصور بن جعونة العامري  وعاد إلى هاشمية الكوفة    . 
وفيها أمر  المنصور  بعمارة مدينة المصيصة  على يد  جبرائيل بن يحيى  ، وكان سورها قد تشعث من الزلازل وأهلها قليل ، فبنى السور وسماها المعمورة  ، وبنى بها مسجدا جامعا ، وفرض فيها لألف رجل ، وأسكنها كثيرا من أهلها . 
[ الوفيات    ] 
وفيها توفي :  سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة     .  وعمرو بن يحيى بن أبي حسن الأنصاري      .  وعمارة بن غزية الأنصاري   ، وكان ثقة .   [ ص: 85 ] وأبو العلاء أيوب القصاب     .  وأبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي   ، وهو من متكلمي المعتزلة  ، وأئمتهم ، وله طائفة تنسب إليه .  وأسماء بن عبيد بن مخارق   ، والد جويرية بن أسماء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					