[ ص: 393 ]   268 
ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائتين 
ذكر أخبار الزنج   
في هذه السنة في المحرم خرج إلى  الموفق  من قواد  الخبيث  جعفر بن إبراهيم المعروف بالسجان  ، وكان من ثقات  الخبيث  ، فارتاع لذلك ، وخلع عليه  الموفق  ، وأحسن إليه ، وحمله في سميرية إلى إزاء قصر  الخبيث  ، فكلم الناس من أصحابه ، وأخبرهم أنهم في غرور ، وأعلمهم بما وقف عليه من كذب  الخبيث  وفجوره ، فاستأمن في ذلك اليوم خلق كثير من قواد الزنج  وغيرهم ، فأحسن إليهم  الموفق  ، وتتابع الناس في طلب الأمان . 
ثم أقام  الموفق  لا يحارب ليريح أصحابه إلى شهر ربيع الآخر ، فلما انتصف ربيع الآخر قصد  الموفق  إلى مدينة  الخبيث  ، وفرق قواده على جهاتها ، وجعل مع كل طائفة منهم من النقابين جماعة لهدم السور ، وتقدم إلى جميعهم أن لا يزيدوا على هدم السور ، ولا يدخلوا المدينة ، وتقدم إلى الرماة أن يحموا بالسهام من يهدم السور وينقبه ، فتقدموا إلى المدينة من جهاتها وقابلوها ، فوصلوا إلى السور ، وثلموه في مواضع كثيرة . 
( ودخل أصحاب  الموفق  من جميع تلك الثلم ، وجاء أصحاب  الخبيث  يحاربونهم ) ، فهزمهم أصحاب  الموفق  وتبعوهم حتى أوغلوا في طلبهم ، فاختلفت   [ ص: 394 ] بهم طرق المدينة ، فبلغوا أبعد من الموضع الذي وصلوا إليه في المرة الأولى ، وأحرقوا ، وأسروا ، وتراجع الزنج  عليهم ، وخرج الكمناء من مواضع يعرفونها ويجهلها الآخرون ، فتحيروا ، ودافعوا عن أنفسهم ، وتراجعوا نحو دجلة  بعد أن قتل منهم جماعة ، وأخذ الزنج  أسلابهم . 
ورجع  الموفق  إلى مدينته ، وأمر بجمعهم ، فلامهم على مخالفة أمره ، والإفساد عليه من رأيه وتدبيره ، وأمر بإحصاء من فقد ، وأقر ما كان لهم من رزق على أولادهم وأهليهم ، فحسن ذلك عندهم ، وزاد في صحة نياتهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					