[ ص: 440 ]   273 
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومائتين 
ذكر الاختلاف بين  ابن أبي الساج  ،  وابن كنداج  ، والخطبة بالجزيرة  لابن طولون  
 في هذه السنة فسد الحال بين  محمد بن أبي الساج  ،  وإسحاق بن كنداج  ، وكانا متفقين في الجزيرة    . 
وسبب ذلك أن  أبي الساج     ( نافر  إسحاق  في الأعمال ، وأراد التقدم ، وامتنع عليه  إسحاق  ، فأرسل  ابن أبي الساج  إلى )   خمارويه بن أحمد بن طولون  صاحب مصر  ، ( وأطاعه ، وصار معه ) وخطب له بأعماله ، وهي قنسرين ، وسير ولده ديوداد إلى  خمارويه  رهينة ، فأرسل إليه  خمارويه  مالا جزيلا له ولقواده . 
وسار  خمارويه  إلى الشام  ، فاجتمع هو  وابن أبي الساج  ببالس  ، وعبر  ابن أبي الساج  الفرات  إلى الرقة  ، فلقيه  ابن كنداج  ، وجرى بينهما حرب انهزم فيها  ابن كنداج  ، واستولى  ابن أبي الساج  على ما كان  لابن كنداج  ، وعبر  خمارويه  الفرات  ونزل الرافقة  ، ومضى  إسحاق  منهزما إلى قلعة ماردين  ، ( فحصره  ابن أبي الساج  ، وسار عنها إلى سنجار  ، فأوقع بها بقوم من الأعراب ، وسار  ابن كنداج  من ماردين    ) نحو الموصل  ، فلقيه  ابن أبي الساج  ببرقعيد  ، فكمن كمينا ، فخرجوا على  ابن كنداج  وقت القتال ، فانهزم عنها ، وعاد إلى ماردين  فكان فيها ; وقوي  ابن أبي الساج  ، وظهر أمره ، واستولى على الجزيرة  والموصل  ، وخطب  لخمارويه  فيها ثم لنفسه بعده . 
 [ ص: 441 ] ذكر وقعة بين عسكر  ابن أبي الساج  والشراة 
لما استولى  ابن أبي الساج  على الموصل  أرسل طائفة من عسكره مع غلامه فتح ، وكان شجاعا مقدما عنده ، إلى المرج من أعمال الموصل  ، فساروا إليها ، وجبوا الخراج منها . 
وكان اليعقوبية الشراة بالقرب منه ، فأرسل إليهم فهادنهم ، وقال : 
إنما مقامي بالمرج مدة يسيرة ثم أرحل عنه . فسكنوا إلى قوله ، وتفرقوا ، فنزل بعضهم بالقرب من سوق الأحد ، فأسرى إليهم فتح في السحر ، فكبسهم ، وأخذ أموالهم ، وانهزم الرجال عنه . 
وكان باقي اليعقوبية قد خرجوا إلى أصحابهم الذين أوقع بهم فتح من غير أن يعلموا بالواقعة ، فلقيهم المنهزمون من أصحابهم ، ( فاجتمعوا ، وعادوا إلى فتح فقاتلوه ) ، وحملوا حملة رجل واحد ، فهزموه ، وقتلوا من أصحابه ثمانمائة رجل ، وكان أصحابه ألف رجل ، فأفلت في نحو مائة رجل ، وتفرق مائة في القرى واختفوا ، وعادوا إلى الموصل  متفرقين ، وأقاموا بها . 
ذكر وفاة  محمد بن عبد الرحمن  ، وولاية ابنه  المنذر   
في هذه السنة توفي  محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي  صاحب الأندلس  ، سلخ صفر ، وكان عمره نحوا من خمس وستين سنة ، وكانت ولايته أربعا وثلاثين سنة وأحد عشر شهرا ، وكان أبيض ، مشربا بحمرة ، ربعة ، أوقص ، يخضب بالحناء ، والكتم ، وخلف ثلاثة وثلاثين ولدا ذكورا ، وكان ذكيا ، فطنا بالأمور المشتبهة متعانيا منها . 
ولما مات ولي بعده ابنه  المنذر بن محمد  ، بويع له بعد موت أبيه بثلاث ليال ،   [ ص: 442 ] وأطاعه الناس ، وأحسن إليهم . 
ذكر عدة حوادث 
( وفيها أيضا كانت وقعة بالرقة  في جمادى الأولى بين  إسحاق بن كنداجيق  وبين  محمد بن أبي الساج  ، فانهزم  إسحاق  ، ثم كانت بينهما وقعة أخرى في ذي الحجة فانهزم  إسحاق  أيضا ) . 
وفي السنة وثب أولاد ملك الروم  على أبيهم ، فقتلوه ، وملك أحدهم بعده . 
وفيها قبض  الموفق  على  لؤلؤ غلام ابن طولون  الذي كان قدم عليه بالأمان ( حين كان يقاتل الزنج  بالبصرة  ، ولما قبضه قيده ) ، وضيق عليه ، وأخذ منه أربعمائة ألف دينار ، فكان  لؤلؤ  يقول : ليس لي ذنب إلا كثرة مالي ; ولم تزل أموره في إدبار إلى أن افتقر ولم يبق له شيء ، ثم عاد إلى مصر  في آخر أيام   هارون بن خمارويه  ، فريدا وحيدا ، بغلام واحد ، فكان هذا ثمرة العقل السخيف ، وكفر الإحسان . 
وحج بالناس فيها  هارون بن محمد بن إسحاق     . 
وفيها ثار السودان  بمصر  ، وحصروا صاحب الشرطة ، فسمع   خمارويه بن أحمد بن طولون  الخبر ، فركب ، وفي يده سيف مسلول ، وقصد دار صاحب الشرطة ، وقتل كل من لقيه من السودان ، فانهزموا منه ، وأكثر القتل فيهم ، وسكنت مصر  وأمن الناس . 
 [ ص: 443 ]   [ الوفيات    ] 
وفيها مات  أبو سليمان بن الأشعث السجستاني  ، صاحب كتاب " السنن " . 
 ومحمد بن يزيد بن ماجه القزويني  ، وله أيضا كتاب " السنن " ، وكان عاقلا ، إماما عالما . 
وتوفي  الفتح بن شخرف أبو داود الكشي الصوفي  ، وكان موته ببغداذ  ، وهو من أصحاب الأحوال الشريفة . 
وتوفي   حنبل بن إسحاق     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					