[ ص: 462 ] 384
ثم دخلت سنة أربع وثمانين وثلاثمائة
ذكر محمود بن سبكتكين خراسان وإجلاء أبي علي عنها ولاية
في هذه السنة ولى الأمير نوح محمود بن سبكتكين خراسان .
وكان سبب ذلك أن نوحا لما عاد إلى بخارى ، على ما تقدم ذكره ، سقط في يد أبي علي ، وندم على ما فرط فيه من ترك معونته عند حاجته إليه .
وأما فائق فإنه لما استقر نوح ببخارى حدث نفسه بالمسير إليه ، والاستيلاء عليه ، والحكم في دولته ، فسار عن بلخ إلى بخارى . فلما علم نوح بذلك سير إليه الجيوش لترده ( عن ذلك ) ، فلقوه واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم فائق وأصحابه ، ولحقوا بأبي علي ، ففرح بهم ، وقوي جنانه بقربهم ، واتفقوا على مكاشفة الأمير نوح بالعصيان ، فلما فعلوا ذلك كتب الأمير نوح إلى سبكتكين ، وهو حينئذ بغزنة ، يعرفه الحال ، ويأمره بالمسير إليه لينجده ، وولاه خراسان .
وكان سبكتكين في هذه الفتن مشغولا بالغزو ، غير ملتفت إلى ما هم فيه ، فلما أتاه كتاب نوح ورسوله أجابه إلى ما أراد ، وسار نحوه جريدة ، واجتمع به ، وقررا بينهما ما يفعلانه ، وعاد سبكتكين فجمع العساكر وحشد ، فلما بلغ أبا علي وفائقا الخبر جمعا وراسلا فخر الدولة بن بويه يستنجدانه ، ويطلبان منه عسكرا ، فأجابهما [ ص: 463 ] إلى ذلك وسير إليهما عسكرا كثيرا وكان وزيره هو الذي قرر القاعدة في ذلك . الصاحب بن عباد
وسار سبكتكين من غزنة ، ومعه ولده محمود نحو خراسان وسار نوح فاجتمع هو وسبكتكين فقصدوا أبا علي وفائقا ، فالتقوا بنواحي هراة . واقتتلوا ، فانحاز دار بن قابوس بن وشمكير من عسكر أبي علي إلى نوح ومعه أصحابه ، فانهزم أصحاب أبي علي ، وركبهم أصحاب سبكتكين يأسرون ويقتلون ويغنمون ، وعاد أبو علي وفائق نحو نيسابور ، وأقام سبكتكين ونوح بظاهر هراة حتى استراحوا وساروا نحو نيسابور ، فلما علم بهم أبو علي سار هو وفائق نحو جرجان ، ( وكتبا إلى ) فخر الدولة بخبرهما ، فأرسل إليهما الهدايا والتحف والأموال وأنزلهما بجرجان .
واستولى نوح على نيسابور واستعمل عليها وعلى جيوش خراسان محمود بن سبكتكين ( ولقبه سيف الدولة ولقب أباه سبكتكين ) ناصر الدولة ، فأحسنا السيرة ، وعاد نوح إلى بخارى وسبكتكين إلى هراة ، وأقام محمود بنيسابور .