[ ص: 336 ]   564 
ثم دخلت سنة أربع وستين وخمسمائة 
ذكر ملك  نور الدين  قلعة جعبر   
في هذه السنة ملك   نور الدين محمود بن زنكي  قلعة جعبر  ، أخذها من صاحبها  شهاب الدين مالك بن علي بن مالك العقيلي  ، وكانت بيده ويد آبائه من قبله من أيام   السلطان ملكشاه  ، وقد تقدم ذكر ذلك ، وهي من أمنع القلاع وأحصنها مطلة على الفرات  من الجانب الشرقي . 
وأما سبب ملكها ، فإن صاحبها نزل منها يتصيد ، فأخذه بنو كلاب  ، وحملوه إلى  نور الدين  في رجب سنة ثلاث وستين ، فاعتقله وأحسن إليه ، ورغبه في الإقطاع والمال ليسلم إليه القلعة ، فلم يفعل ، فعدل إلى الشدة والعنف ، وتهدده ، فلم يفعل ، فسير إليها  نور الدين  عسكرا مقدمه  الأمير فخر الدين مسعود بن أبي علي الزعفراني  ، فحصرها مدة ، فلم يظفر منها بشيء ، فأمدهم بعسكر آخر ، وجعل على الجميع  الأمير مجد الدين أبا بكر المعروف بابن الداية  ، وهو رضيع  نور الدين  ، وأكبر أمرائه ، فحصرها أيضا فلم ير له فيها مطمعا ، فسلك مع صاحبها طريق اللين ، وأشار عليه أن يأخذ من  نور الدين  العوض ولا يخاطر في حفظها بنفسه ، فقبل قوله وسلمها ، فأخذ عوضا عنها سروج وأعمالها والملاحة التي بين بلد حلب  وباب بزاعة  ، وعشرين ألف دينار معجلة ، وهذا إقطاع عظيم جدا ، إلا أنه لا حصن فيه . 
وهذا آخر أمر بني مالك  بالقلعة ولكل أمر أمد ولكل ولاية نهاية ، بلغني أنه قيل   [ ص: 337 ] لصاحبها : أيما أحب إليك وأحسن مقاما ، سروج  والشام  أم القلعة ؟ فقال : هذه أكثر مالا ، وأما  العز  ففارقناه بالقلعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					