[ ص: 213 ]   114 
ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائة 
ذكر ولاية  مروان بن محمد  إرمينية  وأذربيجان   
في هذه السنة استعمل   هشام بن عبد الملك   مروان بن محمد بن مروان  وهو ابن عمه ، على الجزيرة  وأذربيجان  وإرمينية    . 
وكان سبب ذلك أنه كان في عسكر  مسلمة  بإرمينية  حين غزا الخزر  ، فلما عاد  مسلمة  سار  مروان  إلى  هشام  ، فلم يشعر به حتى دخل عليه ، فسأله عن سبب قدومه فقال : ضقت ذرعا بما أذكره ، ولم أر من يحمله غيري ! قال : وما هو : قال  مروان     : قد كان من دخول الخزر  إلى بلاد الإسلام وقتل  الجراح  وغيره من المسلمين ما دخل به الوهن على المسلمين ، ثم رأى أمير المؤمنين أن يوجه أخاه   مسلمة بن عبد الملك  إليهم ، فوالله ما وطئ من بلادهم إلا أدناها ، ثم إنه لما رأى كثرة جمعه أعجبه ذلك ، فكتب إلى الخزر  يؤذنهم بالحرب ، وأقام بعد ذلك ثلاثة أشهر ، فاستعد القوم وحشدوا ، فلما دخل بلادهم لم يكن له فيهم نكاية ، وكان قصاراه السلامة ، وقد أردت أن تأذن لي في غزوة أذهب بها عنا العار ، وأنتقم من العدو . قال : قد أذنت لك . قال : وتمدني بمائة وعشرين ألف مقاتل ؟ قال : قد فعلت . قال : وتكتم هذا الأمر عن كل واحد ؟ قال : قد فعلت ، وقد استعملتك على إرمينية    . فودعه وسار إلى إرمينية  واليا عليها ، وسير  هشام  الجنود من الشام  والعراق  والجزيرة  ، فاجتمع عنده من الجنود والمتطوعة مائة وعشرون ألفا ، فأظهر أنه يريد غزو اللان  وقصد بلادهم ، وأرسل إلى ملك الخزر  يطلب منه المهادنة ، فأجابه إلى ذلك وأرسل إليه من يقرر الصلح ، فأمسك الرسول عنده إلى أن فرغ من جهازه وما يريد ، ثم أغلظ لهم القول وآذنهم بالحرب ، وسير الرسول إلى صاحبه بذلك ، ووكل به من يسيره على طريق فيه بعد ، وسار هو في أقرب الطرق ، فما وصل الرسول إلى صاحبه إلا  ومروان  قد وافاهم ، فأعلم صاحبه الخبر وأخبره بما جمع له  مروان  وحشد واستعد . فاستشار   [ ص: 214 ] ملك الخزر  أصحابه ، فقالوا : إن هذا قد اغترك ودخل بلادك ، فإن أقمت إلى أن تجمع لم يجتمع عندك إلى مدة فيبلغ منك ما يريد ، وإن أنت لقيته على حالك هذه هزمك وظفر بك ، والرأي أن تتأخر إلى أقصى بلادك وتدعه وما يريد . فقبل رأيهم وسار حيث أمروه . 
ودخل  مروان  البلاد وأوغل فيها وأخربها وغنم وسبى وانتهى إلى آخرها ، وأقام فيها عدة أيام حتى أذلهم وانتقم منهم ، ودخل بلاد ملك السرير فأوقع بأهله ، وفتح قلاعا ، ودان له الملك وصالحه على ألف رأس وخمسمائة غلام وخمسمائة جارية سود الشعور ومائة ألف مدي تحمل إلى الباب ، وصالح  مروان  أهل تومان  على مائة رأس نصفين ، وعشرين ألف مدي ، ثم دخل أرض زريكران  ، فصالحه ملكها ، ثم أتى إلى أرض حمزين  ، فأبى  حمزين  أن يصالحه ، فحصرهم فافتتح حصنهم ، ثم أتى سغدان  فافتتحها صلحا ، ووظف على طير شانشاه عشرة آلاف مدي كل سنة تحمل إلى الباب ، ثم نزل على قلعة صاحب اللكز  ، وقد امتنع من أداء الوظيفة ، فخرج ملك اللكز  يريد ملك الخزر  ، فقتله راع بسهم وهو لا يعرفه ، فصالح أهل اللكز  مروان  ، واستعمل عليهم عاملا ، وسار إلى قلعة شروان  ، وهي على البحر ، فأذعن بالطاعة ، وسار إلى الدودانية  فأوقع بهم ثم عاد . 
ذكر عدة حوادث 
( في هذه السنة غزا  معاوية بن هشام  الصائفة اليسرى  ، فأصاب ربض أقرن ، وإن  عبد الله البطال  التقى هو  وقسطنطين  في جمع ، فهزمهم البطال وأسر  قسطنطين     . 
وفيها غزا  سليمان بن هشام  الصائفة اليمنى ، فبلغ قيسارية     ) . 
 [ ص: 215 ] وفي هذه السنة عزل   هشام بن عبد الملك  إبراهيم بن هشام المخزومي  عن المدينة   واستعمل عليها  خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم  في ربيع الأول ، وكانت إمرة  إبراهيم  على المدينة  ثماني سنين ، وعزل  إبراهيم  عن مكة  والطائف  ، واستعمل عليهما  محمد بن هشام المخزومي  ، وقيل : بل ولى  محمدا  سنة ثلاث عشرة ، فلما عزل  إبراهيم  أقر  محمدا  عليها . 
وفيها وقع الطاعون بواسط    . 
وفيها أقبل   مسلمة بن عبد الملك  بعدما هزم  خاقان  ، وأحكم ما هناك وبنى الباب . 
وحج بالناس  خالد بن عبد الملك بن الحارث  ، وقيل  محمد بن هشام     . وكان العمال من تقدم ذكرهم في السنة قبلها ، غير أن المدينة  كان عاملها  خالد بن عبد الملك  ، وعامل مكة  والطائف  محمد بن هشام  ، وعامل إرمينية  وأذربيجان  مروان بن محمد     . 
  [ الوفيات ] 
وفيها مات   عطاء بن أبي رباح   ، وقيل سنة خمس عشرة ، وعمره ثمان وثمانون سنة وقيل مائة سنة . 
وفيها توفي   محمد بن علي بن الحسين الباقر   ، وقيل سنة خمس عشرة ، وكان عمره ثلاثا وسبعين سنة ، وقيل ثمانيا وخمسين سنة . 
 [ ص: 216 ]  والحكم بن عتيبة بن النهاس أبو محمد  ، وهو مولى امرأة من كندة  ، ومولده سنة خمسين . 
وفيها توفي   عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي  قاضي مرو   ، وكان مولده لثلاث سنين مضت من خلافة   عمر بن الخطاب     . 
(  عتيبة     : بضم العين المهملة ، وفتح التاء فوقها نقطتان ، وبعدها ياء مثناة من تحتها ، وآخره باء موحدة . وبريدة : بضم الباء الموحدة ، وفتح الراء . والحصيب : بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ، وآخره باء موحدة ) .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					