[ ص: 315 ]   480 
ثم دخلت سنة ثمانين وأربعمائة . 
ذكر زفاف ابنة السلطان إلى الخليفة    . 
في المحرم نقل جهاز ابنة   السلطان ملكشاه  إلى دار الخلافة على مائة وثلاثين جملا مجللة بالديباج الرومي ، وكان أكثر الأحمال الذهب والفضة وثلاث عماريات ، وعلى أربعة وسبعين بغلا مجللة بأنواع الديباج الملكي ، وأجراسها وقلائدها من الذهب والفضة ، وكان على ستة منها اثنا عشر صندوقا من الذهب لا يقدر ما فيها من الجواهر والحلي ، وبين يدي البغال ثلاثة وثلاثون فرسا من الخيل الرائقة ، عليها مراكب الذهب مرصعة بأنواع الجوهر ، ومهد عظيم كثير الذهب . 
وسار بين يدي الجهاز  سعد الدولة كوهرائين  ،  والأمير برسق  ، وغيرهما ، ونثر أهل نهر معلى  عليهم الدنانير والثياب ، وكان السلطان قد خرج عن بغداذ  متصيدا ، ثم أرسل الخليفة  الوزير أبا شجاع  إلى تركان خاتون  ، زوجة السلطان ، وبين يديه نحو ثلاثمائة موكبية ، ومثلها مشاعل ، ولم يبق في الحريم دكان إلا وقد أشعل فيها الشمعة والاثنتان وأكثر من ذلك . 
وأرسل الخليفة مع  ظفر  خادمه محفة لم ير مثلها حسنا ، وقال الوزير لتركان خاتون    : سيدنا ومولانا أمير المؤمنين يقول : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها    ) وقد أذن في نقل الوديعة إلى داره . فأجابت بالسمع والطاعة ، وحضر  نظام الملك  فمن دونه من أعيان دولة السلطان ، وكل منهم معه من الشمع والمشاعل   [ ص: 316 ] الكثير ، وجاء نساء الأمراء الكبار ومن دونهم كل واحدة منهن منفردة في جماعتها وتجملها ، وبين أيديهن الشمع الموكبيات والمشاعل يحمل ذلك جميعه الفرسان . 
ثم جاءت الخاتون  ابنة السلطان ، بعد الجميع ، في محفة مجللة ، عليها من الذهب والجواهر أكثر شيء ، وقد أحاط بالمحفة مائتا جارية من الأتراك  بالمراكب العجيبة ، وسارت إلى دار الخلافة ، وكانت ليلة مشهودة لم ير ببغداذ  مثلها . 
فلما كان الغد أحضر الخليفة أمراء السلطان لسماط أمر بعمله حكي أن فيه أربعين ألفا منا من السكر ، وخلع عليهم كلهم ، وعلى كل من له ذكر في العسكر ، وأرسل الخلع إلى الخاتون  زوجة السلطان ، وإلى جميع الخواتين ، وعاد السلطان من الصيد بعد ذلك . 
ذكر عدة حوادث    . 
في هذه السنة ولد للسلطان ابن من تركان خاتون  ، وسماه  محمودا  ، وهو الذي خطب له بالمملكة بعد . 
وفيها سلم   السلطان ملكشاه  مدينة حلب  والقلعة إلى مملوكه  آقسنقر  ، فوليها ، وأظهر فيها العدل وحسن السيرة وكان زوج داية   السلطان ملكشاه  ، وهي التي تحضنه وتربيه ، وماتت بحلب  سنة أربع وثمانين [ وأربعمائة ] . 
وفيها استبق ساعيان أحدهما  للسلطان فضلي  ، والآخر  للأمير قماج مرعوشي  ، فسبق ساعي السلطان ، وقد تقدم ذكر  الفضلي  والمرعوشي  أيام   معز الدولة بن بويه     . 
 [ ص: 317 ] وفيها جعل السلطان ولي عهده ولده  أبا شجاع أحمد  ، ولقبه  ملك الملوك ، عضد الدولة  ، وتاج الملة ، عدة أمير المؤمنين ، وأرسل إلى الخليفة بعد مسيره من بغداذ  ، ليخطب له ببغداذ  بذلك ، فخطب له في شعبان ، ونثر الذهب على الخطباء . 
وفيها ، في شعبان ، انحدر  سعد الدولة  كوهرائين إلى واسط  لمحاربة  مهذب الدولة بن أبي الجبر  ، صاحب البطائح ، ولما فارق بغداذ  كثرت فيها الفتن . 
وفيها ، في ذي القعدة ، ولد للخليفة من ابنة السلطان ولد سماه  جعفرا ، وكناه أبا الفضل  ، وزين البلد لأجل ذلك . 
وفيها استولى  العميد ( كمال الملك ) أبو الفتح الدهستاني ، عميد العراق   ، على مدينة هيت  ، أخذها صلحا ومضى إليها ، وعاد عنها في ذي القعدة . 
وفيها وقعت فتنة بين الكرخ  وغيرها من المحال ، قتل فيها كثير من الناس . 
وفيها كسفت الشمس كسوفا كليا . 
  [ الوفيات ] 
وفيها توفي  الأمير أبو منصور قتلغ أمير الحاج   ، وحج أميرا اثنتي عشرة سنة ، وكانت له في العرب عدة وقعات ، وكانوا يخافونه ، ولما مات قال  نظام الملك     : مات اليوم ألف رجل ، وولي إمارة الحاج  نجم الدولة خمارتكين     . 
وفيها ، في جمادى الأولى ، توفي  إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن سعد أبو   [ ص: 318 ] القاسم الساوي  ، سمع الحديث الكثير من   أبي سعيد الصيرفي  وغيره ، وروى عنه الناس ، وكان ثقة ،  وطاهر بن الحسين أبو الوفا البندنيجي ، الهمذاني  ، كان شاعرا ، أديبا وكان يمدح لا لعرض الدنيا ، ومدح  نظام الملك  بقصيدتين كل واحدة منهما تزيد على أربعين بيتا ، إحداهما ليس فيها نقطة ، والأخرى جميع حروفها منقوطة . 
وفيها توفيت  فاطمة بنت علي المؤدب ، المعروفة ببنت الأقرع ، الكاتبة  ، كانت من أحسن الناس خطا على طريقة  ابن البواب  ، وسمعت الحديث وأسمعته . 
وفيها ، في ذي القعدة ، توفي غرس النعمة  أبو الحسن محمد بن الصابي  ، صاحب التاريخ ، وظهر له مال كثير ، وكان له معروف وصدقة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					