ثم دخلت سنة تسع وتسعين وثلاثمائة
ذكر صالح بن مرداس ابتداء حال
لما قتل عيسى بن خلاط أبا علي بن ثمال بالرحبة وملكها ، أقام فيها مدة ، ثم قصده بدران بن المقلد العقيلي ، فأخذ الرحبة منه وبقيت لبدران . فأمر نائبه الحاكم بأمر الله بدمشق لؤلؤا البشاري بالمسير إليها ، فقصد الرقة أولا وملكها ، ثم سار إلى الرحبة وملكها ، ثم عاد إلى دمشق .
وكان بالرحبة رجل من أهلها يعرف بابن محكان ، فملك البلد ، واحتاج إلى من يجعله ظهره ، ويستعين به على من يطمع فيه ، فكاتب ، فقدم عليه وأقام عنده مدة ، ثم إن صالح بن مرداس الكلابي صالحا تغير عن ذلك ، فسار إلى ابن محكان وقاتله على البلد ، وقطع الأشجار ، ثم تصالحا ، وتزوج ابنة ابن محكان ، ودخل صالح البلد ، إلا أنه كان أكثر مقامه بالحلة .
ثم إن ابن محكان راسل أهل عانة فأطاعوه ، ونقل أهله وماله إليهم ، وأخذ رهائنهم ، ثم خرجوا عن طاعته وأخذوا ماله ، واستعادوا رهائنهم ، وردوا أولاده ، فاجتمع ابن محكان وصالح على قصد عانة ، فسارا إليها ، فوضع صالح على ابن محكان من يقتله ، فقتل غيلة ، وسار صالح إلى الرحبة فملكها ، وأخذ أموال ابن محكان وأحسن إلى الرعية ، واستمر على ذلك ، إلا أن الدعوة للمصريين .
[ ص: 562 ] ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قتل أبو علي بن ثمال الخفاجي ، وكان صاحب الحاكم بأمر الله مصر ، قد ولاه الرحبة ، فسار إليها ، فخرج إليه عيسى بن خلاط العقيلي فقتله وملك الرحبة ، ثم ملكها بعده غيره ، فصار أمرها إلى صاحب صالح بن مرداس الكلابي حلب .
وفيها صرف أبو عمر بن عبد الواحد الهاشمي عن قضاء البصرة ، وكان قد علا إسناده في رواية السنن ، ومن طريقه سمعناه ، وولي القضاء بعده لأبي داود السجستاني ، فقال أبو الحسن بن أبي الشوارب العصفري الشاعر :
عندي حديث طريف بمثله يتغنى من قاضيين يعزى هذا وهذا يهنا فذا يقول أكرهونا وذا يقول استرحنا
ويكذبان ونهذي فمن يصدق منا
وفيها ، ودفن عند قبر النذور بنهر المعلى ، وقبته مشهورة ، وأبو محمد البافي الفقيه الشافعي ، وهو القائل : توفي أبو داود بن سيامرد بن باجعفر
يا ذا الذي قاسمني في البلى ، فاختار أن يسكنه أولا
ما وطنت نفسي ، ولكنها تسري إليكم منزلا منزلا