[ ص: 179 ] ذكر من ملك من الفرس بعد  منوجهر   
لما هلك  منوجهر ملك فارس  سار  أفراسياب بن فشنج بن رستم ملك الترك   إلى مملكة الفرس   ، واستولى عليها وسار إلى أرض بابل  وأكثر المقام بها وبمهرجانقذق  ، وأكثر الفساد في مملكة فارس  ، وعظم ظلمه ، وأخرب ما كان عامرا ، ودفن الأنهار ، والقنى ، وقحط الناس سنة خمس من ملكه ، إلى أن خرج عن مملكة فارس  ولم يزل الناس منه في أعظم البلية إلى أن ملك  زو بن طهماسب     . 
وكان  منوجهر  قد سخط على ولده  طهماسب  ونفاه عن بلاده ، فأقام في بلاد الترك   عند ملك لهم يقال له : وامن ، وتزوج ابنته ، فولدت له  زو بن طهماسب  ، وكان المنجمون قد قالوا لأبيها : إن ابنته تلد ولدا يقتله ، فسجنها ، فلما تزوجها  طهماسب  وولدت منه كتمت أمرها وولدها ، ثم إن  منوجهر  رضي عن  طهماسب  ، وأحضره إليه ، فاحتال في إخراج زوجته وابنه  زو  من محبسهما ، فوصلت إليه ، ثم إن زوا فيما ذكر قتل جده وامن في بعض الحروب الترك  وطرد أفراسياب التركي عن مملكة فارس  حتى رده إلى الترك  بعد حروب جرت بينهما ، فكانت غلبة أفراسياب على أقاليم بابل  ومملكة الفرس   اثنتي عشرة سنة من لدن توفي  منوجهر  إلى أن أخرجه عنها  زو  ، وكان إخراجه عنها  روزابان  من شهر أبان ماه ، فاتخذ لهم هذا اليوم عيدا وجعلوه الثالث لعيديهم النوروز والمهرجان . 
 [ ص: 180 ] وكان  زو  محمودا في ملكه محسنا إلى رعيته فأمر بإصلاح ما كان أفرسياب أفسده من مملكتهم ، وبعمارة الحصون ، وإخراج المياه التي غور طرقها ، حتى عادت البلاد إلى أحسن ما كانت . ووضع عن الناس الخراج سبع سنين ، فعمرت البلاد في ملكه وكثرت المعايش ، واستخرج بالسواد نهرا وسماه الزاب ، وبنى عليه مدينة وهي التي تسمى العتيقة  ، وجعل لها طسوج الزاب الأعلى ، وطسوج الزاب الأوسط ، وطسوج الزاب الأسفل ، وكان أول من اتخذ ألوان الطبيخ وأمر بها وبأصناف الأطعمة ، وأعطى جنوده ما غنم من الترك  وغيرهم . 
وكان جميع ملكه إلى أن انقضت مدته ثلاث سنين ، وكان  كرشاسب بن أنوط  وزيره في ملكه ومعينه فيه ، وقيل : كان شريكه في الملك ، والأول أصح ، وكان عظيم الشأن في فارس إلا أنه لم يملك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					