[ ص: 513 ]   205 
ثم دخلت سنة خمس ومائتين 
ذكر ولاية طاهر خراسان  
وفي هذه السنة استعمل   المأمون   طاهر بن الحسين  على المشرق ، من مدينة السلام  إلى أقصى عمل المشرق ، وكان قبل ذلك يتولى الشرط بجانبي بغداذ  ومعاون السواد . 
وكان سبب ولايته خراسان  أن  طاهرا  دخل على   المأمون  وهو يشرب النبيذ ،  وحسين  الخادم يسقيه ، فلما دخل  طاهر  سقاه رطلين ، وأمره بالجلوس ، فقال : ليس لصاحب الشرطة أن يجلس عند سيده . فقال   المأمون     : ذلك في مجلس العامة ، وأما في مجلس الخاصة فله ذلك . 
فبكى   المأمون  وتغرغرت عيناه بالدموع ، فقال  طاهر     : يا أمير المؤمنين ، لم تبكي - لا أبكى الله عينك - ؟ والله لقد دانت لك البلاد ، وأذعن لك العباد ، وصرت إلى المحبة في كل أمرك ! قال : أبكي لأمر ذكره ذل ، وستره حزن ، ولن يخلو أحد من شجن . 
وانصرف  طاهر  ، فدعا  هارون بن جيعونة  وقال له : إن أهل خراسان  يتعصب بعضهم لبعض ، فخذ معك ثلاثمائة ألف درهم ، فأعط  حسينا  الخادم مائتي ألف ، وكاتبه  محمد بن هارون  مائة ألف ، وسله أن يسأل   المأمون  لم بكى ؟ ففعل ذلك ، فلما تغدى   المأمون  قال : اسقني يا  حسين  ، قال : لا والله ، حتى تقول لي لم بكيت حين دخل عليك  طاهر     . قال : وكيف عنيت بهذا الأمر ، حتى سألتني عنه ؟   [ ص: 514 ] قال : لغمي لذلك . قال : هو أمر إن خرج من رأسك قتلتك . قال : يا سيدي ومتى أخرجت لك سرا ؟ قال : إني ذكرت  محمدا  أخي ، وما ناله من الذل ، فخنقتني العبرة ، فاسترحت إلى الإفاضة ، ولن يفوت  طاهرا  مني ما يكره . 
فأخبر  حسين  طاهرا  بذلك ، فركب  طاهر  إلى  أحمد بن أبي خالد  ، فقال له : إن الثناء مني ليس برخيص ، وإن المعروف عندي ليس بضائع ، فغيبني عن عينه ! فقال له : سأفعل ذلك . وركب  أحمد  إلى   المأمون  ، فلما دخل عليه قال له : ما نمت البارحة . 
قال : ولم ؟ 
قال : لأنك وليت  غسان  خراسان  ، وهو ومن معه أكلة رأس ، وأخاف أن تخرج عليه خارجة من الترك فتهلكه . 
فقال : لقد فكرت فيما فكرت فيه ، فمن ترى ؟ 
قال :   طاهر بن الحسين     . 
قال : ويلك ! هو والله خالع . 
قال : أنا الضامن له . 
قال : فوله . 
فدعا طاهرا من ساعته ، فعقد له ، فشخص في يومه ، فنزل ظاهر البلد ، فأقام شهرا ، فحمل إليه عشرة آلاف ألف درهم التي تحمل لصاحب خراسان  ، وسار عن بغداذ  لليلة بقيت من ذي القعدة . 
وقيل كان سبب ولايته أن  عبد الرحمن المطوعي  جمع جموعا كثيرة بنيسابور  ليقاتل بهم الحرورية  بغير أمر والي خراسان  ، فتخوفوا أن يكون ذلك لأصل عمل عليه ، وكان  غسان بن عباد  يتولى خراسان  من قبل   الحسن بن سهل  ، وهو ابن عمه ، فلما استعمل  طاهر  على خراسان  كان صارما   للحسن بن سهل  ، وسبب ذلك أن  الحسن  ندبه   [ ص: 515 ] لمحاربة  نصر بن شبث     . قال : حاربت خليفة ، وسقت الخلافة إلى خليفة ، وأومر بمثل هذا ؟ إنما كان ينبغي أن يتوجه إليه قائد من قوادي . وصارم . 
ذكر عدة حوادث 
وفيها قدم   عبد الله بن طاهر بن الحسين  بغداذ  من الرقة  ، وكان أبوه استخلفه بها ، وأمره بقتال  نصر بن شبث  ، فلما قدم إلى بغداذ  جعله   المأمون  على الشرطة بعد مسير أبيه ، وولى   المأمون   يحيى بن معاذ  الجزيرة  ، وولى  عيسى بن محمد بن أبي خالد  أرمينية  وأذربيجان  ومحاربة بابك . 
وفيها مات  السري بن الحكم  بمصر  ، وكان واليها . 
وفيها مات  داود بن يزيد  عامل السند ، فولاها   المأمون  بشير بن داود  على أن يحمل كل سنة ألف ألف درهم . 
وفيها ولى   المأمون  عيسى بن يزيد الجلودي  محاربة الزط . 
وحج بالناس  عبيد الله بن الحسن  أمير مكة  والمدينة    . 
وفيها زادت دجلة زيادة عظيمة ، فتهدمت المنازل ببغداذ  ، وكثر الخراب بها . 
 [ ص: 516 ]   [ الوفيات ] 
وفي هذه السنة توفي   يزيد بن هارون الواسطي  ، ومولده سنة تسع عشرة ومائة . 
و  الحجاج بن محمد الأعور الفقيه     . 
و   شبابة بن سوار الفزاري الفقيه     . 
 وعبد الله بن نافع الصائغي     . 
ومحاضر بن المورع     . 
وأبو يحيى إبراهيم بن موسى الزيات الموصلي  ، سمع   هشام بن عروة  وغيره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					