[ ص: 282 ] 172
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ومائة
ذكر سليمان وعبد الله ابني عبد الرحمن على أخيهما هشام خروج
في هذه السنة ، وقيل سنة ثلاث وسبعين ومائة ، وهو الصحيح ، خرج سليمان وعبد الله ابنا عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ، أمير الأندلس ، عن طاعة أخيهما هشام بالأندلس ، وكان هشام قد ملك بعد أبيه ، كما ذكرناه ، فلما استقر له الملك كان معه أخوه عبد الله المعروف بالبلنسي ، وكان هشام يؤثره ويبره ويقدمه ، فلم يرض عبد الله إلا بالمشاركة في أمره .
ثم إنه خاف من أخيه هشام ، فمضى هاربا إلى أخيه سليمان ، وهو بطليطلة ، فلما خرج من قرطبة أرسل هشام جمعا في أثره ليردوه فلم يلحقوه ، فجمع هشام عساكره ، وسار إلى طليطلة ، فحصر أخويه بها ، وكان سليمان قد جمع وحشد خلقا كثيرا ، فلما حصرهما هشام سار سليمان من طليطلة وترك ابنه وأخاه عبد الله يحفظان البلد ، وسار هو إلى قرطبة ليملكها ، فعلم هشام الحال ، فلم يتحرك ، ولا فارق طليطلة بل أقام يحصرها .
وسار سليمان ، فوصل إلى شقندة ، فدخلها ، وخرج إليه أهل قرطبة مقاتلين ودافعين عن أنفسهم .
ثم إن هشاما سير في أثره ابنه عميد الملك ، في قطعة من الجيش ، فلما قاربه مضى سليمان هاربا ، فقصد مدينة ماردة ، فخرج إليه الوالي بها لهشام ، فحاربه ، فانهزم سليمان ، وبقي هشام على طليطلة شهرين وأياما محاصرا لها ثم عاد عنها ، وقد قطع أشجارها ، وسار إلى قرطبة ، فأتاه أخوه عبد الله بغير أمان ، فأكرمه وأحسن إليه .
فلما دخلت سنة أربع وسبعين سير هشام ابنه معاوية في جيش كثيف إلى تدمير ، [ ص: 283 ] وبها سليمان ، فحاربه ، وخربوا أعمال تدمير ، ودوخوا أهلها ومن بها ، وبلغوا البحر ، فخرج سليمان من تدمير هاربا ، فلجأ إلى البرابر بناحية بلنسية ، فاعتصم بتلك الناحية الوعرة المسلك ، فعاد معاوية إلى قرطبة .
ثم إن الحال استقر بين هشام وسليمان أن يأخذ سليمان أهله وأولاده وأمواله ويفارق الأندلس ، وأعطاه هشام ستين ألف دينار مصالحة عن تركة أبيه عبد الرحمن ، فسار إلى بلد البرابر فأقام به .
ذكر خروج جماعة على هشام أيضا
وفيها خرج بالأندلس أيضا سعيد بن الحسين بن يحيى الأنصاري بشاغنت ، من أقاليم طرطوشة ، في شرق الأندلس ، وكان قد التجأ إليها حين قتل أبوه ، كما تقدم ، ودعا إلى اليمانية ، وتعصب لهم ، فاجتمع له خلق كثير ، وملك مدينة طرطوشة ، وأخرج عامله يوسف القيسي ، فعارضه موسى بن فرتون ، وقام بدعوة هشام ، ووافقته مضر ، ( فاقتتلا ، فانهزم سعيد وقتل وسار موسى إلى سرقسطة فملكها ، فخرج عليه مولى للحسين بن يحيى اسمه جحدر في جمع كثير فقاتله وقتل موسى ) .
وخرج أيضا مطروح بن سليمان بن يقظان بمدينة برشلونة ، وخرج معه جمع كثير ، فملك مدينة سرقسطة ومدينة وشقة ، وتغلب على تلك الناحية ، وقوي أمره ، وكان هشام مشغولا بمحاربة أخويه سليمان وعبد الله .
ذكر عدة حوادث
وفيها الرشيد إسحاق بن محمد عن الموصل ، واستعمل عزل سعيد بن سلم الباهلي ، وعزل الرشيد ، وهو ابن أخي يزيد بن مزيد بن زائدة ، عن معن بن زائدة أرمينية ، واستعمل عليها أخاه عبيد الله بن المهدي .
[ ص: 284 ] وفيها الصائفة إسحاق بن سليمان بن علي . غزا
وفيها الرشيد على أهل السواد العشر الذي كان يؤخذ منهم بعد النصف . وضع
وحج بالناس يعقوب بن المنصور .
[ الوفيات ]
وفيها مات الفضل بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو أخو عبد الملك ، وتوفي . سليمان بن بلال مولى ابن أبي عتيق
( وتوفي أبو يزيد رياح بن يزيد اللخمي الزاهد ، بمدينة القيروان ، وكان مجاب الدعوة ) .