[ ص: 177 ]   454 
ثم دخلت سنة أربع وخمسين وأربعمائة . 
ذكر نكاح السلطان  طغرلبك  ابنة الخليفة    . 
في هذه السنة عقد للسلطان  طغرلبك  على ابنة الخليفة   القائم بأمر الله  ، وكانت الخطبة تقدمت سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة مع  أبي سعد  قاضي الري  ، فانزعج الخليفة من ذلك ، وأرسل في الجواب  أبا محمد التميمي  ، وأمره أن يستعفي ، فإن أعفي ، وإلا تمم الأمر على أن يحمل السلطان ثلاثمائة ألف دينار ، ويسلم واسطا  وأعمالها . 
فلما وصل إلى السلطان ذكر  لعميد الملك  الوزير ما ورد فيه من الاستعفاء ، فقال : لا يحسن أن يرد السلطان ، وقد سأل وتضرع ، ولا يجوز مقابلته أيضا بطلب الأموال والبلاد ، فهو يفعل أضعاف ما طلب منه . 
فقال  التميمي     : الأمر لك ، ومهما فعلته فهو الصواب ، فبنى الوزير الأمر على الإجابة ، وطالع به السلطان ، فسر به ، وجمع الناس وعرفهم أن همته سمت به إلى الاتصال بهذه الجهة النبوية ، وبلغ من ذلك ما لم يبلغه سواه من الملوك . وتقدم إلى  عميد الملك  الوزير أن يسير ومعه أرسلان خاتون  ، زوجة الخليفة ، وأن يصحبها مائة ألف دينار برسم الحمل ، وما شاكلها من الجواهر وغيرها ، ووجه معه  فرامرز بن كاكويه  ، وغيره من وجوه الأمراء وأعيان الري    . 
 [ ص: 178 ] فلما وصل إلى الإمام   القائم بأمر الله  ، وأوصل خاتون  زوجة الخليفة إلى دارها ، وأنهى حضوره وحضور من معه ، ذكر حال الوصلة  ، فامتنع الخليفة من الإجابة إليها وقال : إن أعفينا ، وإلا خرجنا من بغداذ    . 
فقال  عميد الملك     : كان الواجب الامتناع من غير اقتراح ، وعند الإجابة إلى ما طلب ، فالامتناع سعي على دمي ، وأخرج خيامه إلىالنهروان  ، فاستوقفه قاضي القضاة ، والشيخ  أبو منصور بن يوسف  ، وأنهيا إلى الخليفة عاقبة انصرافه على هذا الوجه ، وصنع له  ابن دارست  وزير الخليفة ( دعوة فحضر عنده ) ، فرأى على مسجد مكتوبا :  معاوية  خال  علي  ، فأمر بحكه . 
وكتب من الديوان إلى  خمارتكين الطغرائي  كتابا يتضمن الشكوى من  عميد الملك ،  فورد الجواب عليه بالرفق ، وكتب الخليفة إلى  عميد الملك     : نحن نرد الأمر إلى رأيك ، ونعول على أمانتك ودينك . 
فحضر يوما عند الخليفة ، ومعه جماعة من الأمراء ، والحجاب ، والقضاة والشهود ، فأخذ المجلس لنفسه ، ولم يتكلم سواه ، وقال للخليفة : أسأل مولانا أمير المؤمنين التطول بذكر ما شرف به العبد المخلص  شاهنشاه  ، ركن الدين ، فيما رغب فيه ليعرفه الجماعة . 
فغالطه ، وقال : قد سطر في المعنى ما فيه كفاية . فانصرف عميد الملك مغيظا ، ورحل في السادس والعشرين من جمادى الآخرة ، وأخذ المال معه إلى همذان  ، وعرف السلطان أن السبب في اتفاق الحال من  خمارتكين الطغرائي  ، فتغير السلطان عليه ، فهرب في ستة غلمان . 
وكتب السلطان إلى قاضي القضاة الشيخ  أبي منصور بن يوسف  يعتب ويقول : هذا جزاء من الخليفة الذي قتلت أخي في خدمته ، وأنفقت أموالي في نصرته ، وأهلكت خواصي في محبته . وأطال العتاب ، وعاد الجواب إليه بالاعتذار . 
 [ ص: 179 ] وأما  الطغرائي  فإنه أدرك ببروجرد  فقال أولاد  إبراهيم  ينال للسلطان : إن هذا قتل أبانا ، ونسأل أن نمكن من قتله ، وأعانهم  عميد الملك  ، فأذن لهم في قتله ، فساروا إلى طريقه وقتلوه ، وجعل مكانه  ساوتكين  ، وبسط  الكندري  لسانه . وطلب  طغرلبك  ابنة أخيه ، زوجة الخليفة ، لتعاد إليه ، وجرى ما كاد يقضي إلى الفساد الكلي . 
فلما رأى الخليفة شدة الأمر أذن في ذلك ، وكتب الوكالة باسم  عميد الملك  ، وسيرت الكتب مع  أبي الغنائم بن المحلبان  ، وكان العقد في شعبان سنة أربع وخمسين وأربعمائة بظاهر تبريز  ، وهذا ما لم يجر للخلفاء مثله ، فإن بني بويه  مع تحكمهم ومخالفتهم لعقائد الخلفاء لم يطمعوا في مثل هذا ولا ساموهم فعله . 
وحمل السلطان أموالا كثيرة ، وجواهر نفيسة للخليفة ، ولولي العهد ، وللجهة المطلوبة ، ولوالدتها ، وغيرهم ، وجعل بعقوبا  وما كان بالعراق  للخاتون  زوجة السلطان التي توفيت للسيدة ابنة الخليفة . 
ذكر عزل  ابن دارست  ووزارة  ابن جهير     . 
في هذه السنة عزل  أبو الفتح محمد بن منصور بن دارست  من وزارة الخليفة . 
وسببه أنه وصل معه إنسان يهودي يقال له  ابن علان  ، فضمن أعمال الوكلاء التي لخاص الخليفة بستة آلاف كر غلة ، ومائة ألف دينار ، فصح منها ألفا كر ، وثلاثون ألف دينار ، وانكسر الباقي ، فظهر عجز  ابن دارست  ووهنه ، فعزل إلى الأهواز  ، فتوفي بها سنة سبع وستين [ وأربعمائة ] . 
وكان  فخر الدولة أبو نصر بن جهير  ، وزير   نصر الدولة بن مروان  ، قد أرسل   [ ص: 180 ] يخطب الوزارة ، وبذل فيها بذولا كثيرة ، فأجيب إليها ، وأرسل  كامل طراد الزينبي  إلى ميافارقين  كأنه رسول ، فلما عاد سار معه  ابن جهير  كالمودع له ، فتمم السير معه . 
وخرج  ابن مروان  في أثره ، فلم يدركه ، فلما وصل إلى بغداذ  خرج الناس إلى استقباله ، وخلع عليه خلع الوزارة يوم عرفة  ، ولقب فخر الدولة ، واستقر في الوزارة ، ومدحه وهنأه  ابن الفضل  وغيره من الشعراء . 
ذكر عدة حوادث    . 
في هذه السنة عم الرخص جميع الأصقاع ، فبيع بالبصرة  ألف رطل من التمر بثمانية قراريط . 
وفاة   القضاعي     . 
وفيها توفي  القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي  بمصر    . 
وفيها سار السلطان  طغرلبك  إلى قلعة الطرم  من بلاد الديلم  ، وقرر على مسافر ملكها مائة ألف دينار وألف ثوب . 
[ الوفيات    ] 
وفيها مات  أبو علوان ثمال بن صالح بن مرداس  الملقب معز الدولة  بحلب  ، وقام أخوه  عطية  مقامه . 
 [ ص: 181 ] وتوفي  الحسن بن علي بن محمد أبو محمد الجوهري   ، ومولده سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ، وكان من الأئمة المكثرين من سماع الحديث وروايته ، وهو آخر من حدث عن   أبي بكر القطيعي  ،  والأبهري  ،  وابن شاذان  ، وغيرهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					