ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائة
فيها المنصور من مكة إلى البصرة فجهز جيشا في البحر إلى الكرك الذين تقدم ذكر إغارتهم على جدة . عاد
وفيها المنصور على أبي أيوب المورياني ، وعلى أخيه وبني أخيه ، وكانت منازلهم المناذر ، وكان قد سعى به كاتبه قبض أبان بن صدقة .
وقيل : كان سبب قبضه أن المنصور في دولة بني أمية ورد على الموصل وأقام بها مستترا وتزوج امرأة من الأزد ، ، فحملت منه ، ثم فارق الموصل وأعطاها تذكرة وقال لها : إذا سمعت بدولة لبني هاشم فأرسلي هذه التذكرة إلى صاحب الأمر فهو يعرفها ، فوضعت المرأة ولدا سمته جعفرا ، فنشأ وتعلم الكتابة ، وما يحتاج إليه الكاتب .
وولي المنصور الخلافة ، فقدم جعفر إلى بغداذ ، واتصل بأبي أيوب فجعله كاتبا بالديوان ، فطلب المنصور يوما من أبي أيوب كاتبا يكتب له شيئا ، فأرسل جعفرا إليه ، فلما رآه المنصور مال إليه وأحبه ، فلما أمره بالكتابة رآه حاذقا ماهرا ، فسأله من أين هو ، ومن أبوه ، فذكر له الحال وأراه التذكرة ، وكانت معه ، فعرفه المنصور وصار يطلبه كل وقت بحجة الكتابة ، فخافه أبو أيوب .
ثم إن المنصور أحضره يوما وأعطاه مالا ، وأمر أن يصعد إلى الموصل ويحضر والدته ، فسار من بغداذ ، وكان أبو أيوب قد وضع عليه العيون يأتونه بأخباره ، فلما علم مسيره سير وراءه من اغتاله في الطريق فقتله .
فلما أبطأ على المنصور أرسل إلى [ أمه ] بالموصل من يسألها عنه ، فذكرت له أنها لا علم لها به إلا أنه ببغداذ يكتب في ديوان [ ص: 179 ] الخليفة ، فلما علم المنصور ذلك أرسل من يقص أثره ، فانتهى إلى موضع وانقطع خبره ، فعلم أنه قتل هناك ، وكشف الخبر فرأى أن قتله من يد أبي أيوب ، فنكبه وفعل به ما فعل .
وقبض المنصور أيضا على عباد مولاه ، وعلى هرثمة بن أعين بخراسان ، وأحضرا مقيدين لتعصبهما لعيسى بن موسى .
وفيها أخذ المنصور الناس بتلبيس القلانس الطوال المفرطة الطول ، فقال : أبو دلامة
وكنا نرجي من إمام زيادة فزاد الإمام المصطفى في القلانس
.وفيها توفي عبيد ابن بنت ابن أبي ليلى قاضي الكوفة ، فاستقضي [ مكانه ] . شريك بن عبد الله النخعي
وفيها غزا الصائفة معيوف بن يحيى الحجوري فوصل إلى حصن من حصون الروم ليلا وأهله نيام ، فسبى وأسر من كان فيه ، ثم قصد اللاذقية الخراب ، فسبى منها ستة آلاف رأس سوى الرجال البالغين .
[ ص: 180 ] وحج بالناس هذه السنة المهدي ، وكان أمير مكة ، وأمير محمد بن إبراهيم المدينة الحسن بن زيد ، وأمير مصر ، وكان محمد بن سعيد يزيد بن منصور على اليمن في قول بعضهم ، وعلى الموصل إسماعيل بن خالد بن عبد الله بن خالد .
[ الوفيات ]
وفيها مات ، ( وقيل : سنة ست وخمسين ، وقيل : تسع وخمسين ) . هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي والحسن بن عمارة . . وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وثور بن زيد . . وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري
[ ص: 181 ] والضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام من ولد أخي حكيم بن حزام . . وفطر بن خليفة الكوفي
فطر : بالفاء والراء المهملة . ( والجرشي : بضم الجيم ، وبالشين المعجمة ) .