ذكر وفاة  الهادي   
وفي هذه السنة توفي  الهادي ( موسى ابن المهدي محمد ابن المنصور عبد الله بن   [ ص: 168 ] محمد بن علي بن عبد الله بن عباس  في شهر ربيع الأول . 
واختلف في سبب وفاته ، فقيل كان سببها قرحة كانت في جوفه ، وقيل مرض بحديثة الموصل  ، وعاد مريضا فتوفي ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى . 
وقيل إن وفاته كانت من قبل جوار لأمه الخيزران  كانت أمرتهن بقتله ، وكان سبب أمرها بذلك أنه لما ولي الخلافة كانت تستبد بالأمور دونه ، وتسلك به مسلك  المهدي  ، حتى مضى أربعة أشهر . 
فانثال الناس إلى بابها ، وكانت المواكب تغدو وتروح إلى بابها ، فكلمته يوما في أمر لم يجد إلى إجابتها سبيلا ، فقالت : لابد من إجابتي إليه ، فإنني قد ضمنت هذه الحاجة  لعبد الله بن مالك     . 
فغضب  الهادي  ، وقال : ويلي على ابن الفاعلة ! قد علمت أنه صاحبها ، والله لا قضيتها لك . قالت : إذا والله لا أسألك حاجة أبدا ، قال : لا أبالي والله ، وغضبت فقامت مغضبة ، فقال مكانك والله ، وإلا أنا نفي من قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . 
لئن بلغني أنه وقف ببابك أحد من قوادي ، وخاصتي لأضربن عنقه ، ولأقبضن ماله . ما هذه المواكب التي تغدو وتروح إلى بابك ؟ أما لك مغزل يشغلك ، أو مصحف يذكرك ، أو بيت يصونك ؟ إياك ! وإياك ! لا تفتحي بابك لمسلم ولا ذمي . فانصرفت وهي لا تعقل ، فلم تنطق عنده بعدها . 
ثم إنه قال لأصحابه : أيما خير أنا أم أنتم ، وأمي أم أمهاتكم ؟ قالوا : بل أنت وأمك خير . قال : فأيكم يحب أن يتحدث الرجال بخبر أمه ، فيقال : فعلت أم فلان ، وصنعت ؟ قالوا : لا نحب ذلك . قال : فما بالكم تأتون أمي ، فتتحدثون بحديثها ؟ فلما سمعوا ذلك انقطعوا عنها . 
ثم بعث بأرز ، وقال : قد استطبتها ، فكلي منها . فقيل لها : أمسكي حتى تنظري ! فجاءوا بكلب ، فأطعموه ، فسقط لحمه لوقته ، فأرسل إليها كيف رأيت الأرز ؟ قالت : طيبا . قال : ما أكلت منها ، ولو أكلت منها ، لاسترحت منك ، متى أفلح خليفة له أم ! 
وقيل : كان سبب أمرها بذلك أن  الهادي  لما جد في خلع  الرشيد  والبيعة لابنه  جعفر  خافت الخيزران  على  الرشيد  ، فوضعت جواريها عليه لما مرض ، فقتلنه بالغم والجلوس على وجهه ، فمات ، فأرسلت إلى   يحيى بن خالد  تعلمه بموته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					