[ ص: 292 ] ذكر ولاية  عمر بن مهران  مصر     . 
وفيها عزل  الرشيد  موسى بن عيسى  عن مصر  ، ورد أمرها إلى   جعفر بن يحيى بن خالد  ، فاستعمل عليها  جعفر عمر بن مهران     . 
وكان سبب عزله أن  الرشيد  بلغه أن  موسى  عازم على الخلع ، فقال : والله لا أعزله إلا بأخس من على بابي ! فأمر  جعفرا  ، فأحضر  عمر بن مهران  ، وكان أحول ، مشوه الخلق ، وكان لباسه خسيسا ، وكان يردف غلامه خلفه ، فلما قال له  الرشيد     : أتسير إلى مصر  أميرا ؟ قال : أتولاها على شرائط ، إحداها أن يكون إذني إلى نفسي ، إذا أصلحت البلاد انصرفت ، فأجابه إلى ذلك . 
فسار ، فلما وصل إليها أتى دار  موسى  فجلس في أخريات الناس ، فلما تفرقوا قال : ألك حاجة ؟ قال : نعم ! ثم دفع إليه الكتب ، فلما قرأها قال : هل يقدم  أبو حفص  ، أبقاه الله ؟ قال : أنا  أبو حفص  ، قال  موسى     : لعن الله  فرعون  حيث قال : ( أليس لي ملك مصر    ) ، ثم سلم له العمل . 
فتقدم  عمر  إلى كاتبه أن لا يقبل هدية إلا ما يدخل في الكيس ، فبعث الناس بهداياهم ، فلم يقبل دابة ، ولا جارية ، ولم يقبل إلا المال والثياب ، فأخذها ، وكتب عليها أسماء أصحابها ، وتركها . 
وكان أهل مصر  قد اعتادوا المطل بالخراج ، وكسره ، فبدأ  عمر  برجل منهم فطالبه بالخراج ، فلواه ، فأقسم أن لا يؤديه إلا بمدينة السلام  ، فبذل الخراج ، فلم يقبله منه ، وحمله إلى بغداذ  فأدى الخراج بها ، فلم يمطله أحد ، فأخذ النجم الأول ، والنجم الثاني ، فلما كان النجم الثالث وقعت المطاولة والمطل وشكوا الضيق ، فأحضر تلك الهدايا وحسبها لأربابها ، وأمرهم بتعجيل الباقي ، فأسرعوا في ذلك ، فاستوفى خراج مصر  عن آخره ، ولم يفعل ذلك غيره ، ثم انصرف إلى بغداذ    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					