ذكر استعمال  الفضل بن روح بن حاتم  على إفريقية   
وفي هذه السنة ، وهي سنة سبع وسبعين ، استعمل  الرشيد  على إفريقية  الفضل بن روح بن حاتم  ، وكان  الرشيد  لما توفي  روح  استعمل بعده  حبيب بن نصر المهلبي  ، فسار  الفضل  إلى باب  الرشيد  ، وخطب ولاية إفريقية  ، فولاه ، فعاد إليها ، فقدم في المحرم سنة سبع وسبعين ومائة ، فاستعمل على مدينة تونس  ابن أخيه  المغيرة بن بشر بن روح  ، وكان غارا ، فاستخف بالجند . 
وكان  الفضل  أيضا قد أوحشهم ، وأساء السيرة معهم ، بسبب ميلهم إلى  نصر بن حبيب  الوالي قبله ، فاجتمع من بتونس  ، وكتبوا إلى  الفضل  يستعفون من ابن أخيه ، فلم يجبهم عن كتابهم ، فاجتمعوا على ترك طاعته . 
فقال لهم قائد من الخراسانية يقال له  محمد بن الفارسي     : كل جماعة لا رئيس لها فهي إلى الهلاك أقرب ، فانظروا رجلا يدبر أمركم . قالوا : صدقت ، فاتفقوا على تقديم قائد منهم يقال له  عبد الله بن الجارود ، يعرف   [ ص: 300 ] بعبدويه الأنباري  ، فقدموه عليهم ، وبايعوه على السمع والطاعة ، وأخرجوا  المغيرة  عنهم ، وكتبوا إلى  الفضل  يقولون : إنا لم نخرج يدا عن طاعة ، ولكنه أساء السيرة ، فأخرجناه ، فول علينا من نرضاه . 
فاستعمل عليهم ابن عمه  عبد الله بن يزيد بن حاتم  وسيره إليهم . فلما كان على مرحلة من تونس  أرسل إليه  ابن الجارود  جماعة لينظروا في أي شيء قدم ولا يحدثوا حدثا إلا بأمره ، فساروا إليه ، وقال بعضهم لبعض : إن  الفضل  يخدعكم بولاية هذا ، ثم ينتقم منكم بإخراجكم أخاه . 
فعدوا على  عبد الله بن يزيد  فقتلوه ، وأخذوا من معه من القواد أسارى ، فاضطر حينئذ   عبد الله بن الجارود  ومن معه إلى القيام والجد في إزالة  الفضل     . 
فتولى  ابن الفارسي  الأمر ، وصار يكتب إلى كل قائد بإفريقية  ومتولي مدينة يقول له : إنا نظرنا في صنيع  الفضل  في بلاد أمير المؤمنين ، وسوء سيرته ، فلم يسعنا إلا الخروج عليه لنخرجه عنا ، ثم نظرنا فلم نجد أحدا أولى بنصيحة أمير المؤمنين ، لبعد صوته وعطفه على جنده منك ، فرأينا أن تجعل نفوسنا دونك ، فإن ظفرنا جعلناك أميرنا ، وكتبنا إلى أمير المؤمنين نسأله ولايتك ، وإن كانت الأخرى فلم يعلم أحد أننا أردناك ، والسلام . 
فأفسد بهذا كافة الجند على  الفضل  ، وكثر الجمع عندهم ، فسير إليهم  الفضل  عسكرا كثيرا ، فخرجوا إليه ، فقاتلوه ، فانهزم عسكره وعاد إلى القيروان  منهزما ، وتبعهم أصحاب  ابن الجارود  ، فحاصروا القيروان  يومهم ذلك ، ثم فتح أهل القيروان  الأبواب . 
ودخل  ابن الجارود  وعسكره في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين ومائة ، وأخرج  الفضل  من القيروان  ، ووكل به وبمن معه من أهله أن يوصلهم إلى قابس  ، فساروا يومهم ، ثم ردهم  ابن الجارود  ، وقتل  الفضل بن روح بن حاتم     . 
فلما قتل  الفضل  غضب جماعة من الجند ، واجتمعوا على قتال  ابن الجارود  ، فسير إليهم عسكرا فانهزم عسكره ، وعاد إليه بعد قتال شديد واستولى أولئك الجند على القيروان  ، وكان  ابن الجارود  بمدينة تونس  ، فسار إليهم وقد تفرقوا بعد دخول القيروان    . 
فوصل إليهم  ابن الجارود  ، فلقوه واقتتلوا ، فهزمهم  ابن الجارود  وقتل جماعة من أعيانهم ، فانهزموا ، فلحقوا بالأربس ، وقدموا عليهم  العلاء بن سعيد  والي بلد الزاب  وساروا إلى القيروان    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					