ذكر أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة عصيان
وفيها عصى أصبغ بن عبد الله ، ووافقه أهل مدينة ماردة من الأندلس ، على الحكم ، وأخرجوا عامله ، واتصل الخبر بالحكم ، فسار إليها وحاصرها ، فبينما هو مجد في الحصار [ ص: 377 ] أتاه الخبر عن أهل قرطبة أنهم أعلنوا العصيان له ، فرجع مبادرا ، فوصل إلى قرطبة في ثلاثة أيام ، وكشف عن الذين أثاروا الفتنة ، فصلبهم منكسين ، وضرب أعناق جماعة ، فارتدع الباقون بذلك ، واشتدت كراهيتهم له .
ولم يزل أهل ماردة تارة يطيعون ومرة يعصون إلى سنة اثنتين وتسعين ، فضعف أمر أصبغ ; لأن الحكم تابع إرسال الجيوش إليه ، واستمال جماعة من أعيان أهل ماردة وثقاته من أصحابه ، فمالوا إليه ، وفارقوا أصبغ ، حتى أخوه ، فتحير أصبغ ، وضعفت نفسه ، فأرسل يطلب الأمان فأمنه الحكم ، ففارق ماردة ، وحضر عند الحكم ، وأقام عنده بقرطبة .