[ ص: 383 ] 192
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائة
ذكر الرشيد إلى خراسان مسير
فيها سار الرشيد من الرقة إلى بغداذ يريد خراسان لحرب رافع بن الليث ، وكان مريضا ، واستخلف على الرقة ابنه القاسم ، وضم إليه خزيمة بن خازم ، وسار من بغداذ إلى النهروان لخمس خلون من شعبان ، واستخلف على بغداذ ابنه الأمين ، وأمر بالمقام المأمون ببغداذ . فقال الفضل بن سهل للمأمون حين أراد الرشيد المسير إلى خراسان : لست تدري ما يحدث بالرشيد ، وخراسان ولايتك ، ومحمد الأمين المقدم عليك ، وإن أحسن ما يصنع بك أن يخلعك ، وهو ابن زبيدة [ وأخواله بنو هاشم ، وزبيدة ] وأموالها [ ردء له ] ، فاطلب إلى أمير المؤمنين أن تسير معه ، فطلب إليه ذلك ، فأجابه بعد امتناع .
فلما سار الرشيد سايره الصباح الطبري ، فقال له : يا صباح ، لا أظنك تراني أبدا . فدعا ، فقال : ما أظنك تدري ما أجد . قال الصباح : لا والله . فعدل عن الطريق ، واستظل بشجرة ، وأمر خواصه بالبعد ، فكشف عن بطنه ، فإذا عليه عصابة حرير ، فقال : هذه علة أكتمها الناس كلهم ، ولكل واحد من ولدي علي رقيب ، فمسرور رقيب ، المأمون وجبرائيل بن بختيشوع رقيب الأمين ، وما منهم أحد إلا وهو يحصي أنفاسي ، ويستطيل دهري ، وإن أردت أن تعلم ذلك ، فالساعة أدعو بدابة ، فيأتوني بدابة أعجف قطوف لتزيد بي علتي ، فاكتم علي ذلك . فدعا له بالبقاء ، ثم طلب الرشيد دابة ، فجاءوا بها على ما وصف ، فنظر إلى الصباح وركبها .
[ ص: 384 ] ذكر عدة حوادث
وفيها تحركت الخرمية بناحية أذربيجان ، فوجه إليهم الرشيد عبد الله بن مالك في عشرة آلاف ، فقتل وسبى وأسر ، ووافاه بقرماسين ، فأمره بقتل الأسرى ، وبيع السبي .
وفيها قدم على يحيى بن معاذ الرشيد بأبي النداء ، فقتله .
وفيها فارق جماعة من القواد رافع بن الليث ، وصاروا إلى هرثمة ، منهم عجيف بن عنبسة وغيره .
وفيها استعمل الرشيد على الثغور ثابت بن نصر بن مالك ، فافتتح مطمورة . وفيها كان الفداء بالبذندون .
وفيها خرج ثروان الحروري بطف البصرة ، فقاتل عامل السلطان بها .
وفيها مات عيسى بن جعفر بن المنصور بالدسكرة ، وهو يريد اللحاق بالرشيد .
وفيها قتل الرشيد الهيصم اليماني .
[ ص: 385 ] وحج بالناس هذه السنة العباس بن عبد الله بن جعفر بن المنصور .
وفيها كان وصول هرثمة إلى خراسان ، كما تقدم ، وحصر هرثمة رافع بن الليث بسمرقند ، وضايقه ، واستقدم ، فحضر عنده ، وخلت طاهر بن الحسين خراسان لحمزة الخارجي ، حتى دخلها ، وصار يقتل ويجمع الأموال ، ويحملها إليه عمال هراة وسجستان ، فخرج إليه عبد الرحمن النيسابوري ، فاجتمع إليه نحو عشرين ألفا ، فسار إلى حمزة ( فقاتله قتالا شديدا ، فقتل من أصحاب حمزة ) خلقا ، وسار خلفه حتى بلغ هراة ، وكان ذلك سنة أربع وتسعين ، فكتب إليه ، فرده وأدام المأمون هرثمة على حصار سمرقند حتى فتحها ، على ما نذكره إن شاء الله - تعالى - .
( وقتل رافع بن الليث وجماعة من أقربائه ، واستعمل على ما وراء النهر ابن يحيى ، فعاد ، وكان قتله رافعا سنة خمس وتسعين ) .
[ الوفيات ]
وفي هذه السنة عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي . توفي ويوسف بن أبي يوسف القاضي .
وفيها كان الفداء الثاني بين المسلمين والروم ، وكان القيم به ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي ، وكان عدة الأسرى من المسلمين ألفين وخمسمائة أسير .