ذكر طاهر على واسط وغيرها استيلاء
ثم سار طاهر من الأهواز إلى واسط ، وبها السندي بن يحيى الحرشي ، والهيثم بن شعبة ، خليفة خزيمة بن خازم ، فجعل طاهر كلما تقدم نحوهم تقوضت المسالح والعمال بين يديه ، حتى أتى واسطا ، فهرب السندي والهيثم بن شعبة عنها ، واستولى طاهر على واسط ، ووجه قائدا من قواده إلى الكوفة عليها العباس بن موسى الهادي ، فلما بلغه الخبر خلع الأمين ، وبايع للمأمون ، وكتب بذلك إلى طاهر .
ونزلت خيل طاهر فم النيل ، وغلب على ما بين واسط والكوفة ، وكتب المنصور بن المهدي ، وكان عاملا للأمين على البصرة ، إلى طاهر ببيعته وطاعته ، وأتته بيعة المطلب بن عبد الله بن مالك بالموصل للمأمون ، وخلع الأمين ، وكان هذا جميعه في رجب من هذه السنة ، فأقرهم طاهر على أعمالهم ، وولى داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي الهاشمي مكة والمدينة ، واستعمل يزيد بن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري البجلي على اليمن ، ووجه الحارث بن هشام وداود بن موسى إلى قصر ابن هبيرة ، ( وأقام طاهر بجرجرايا ) .
فلما بلغ الأمين خبر عامله بالكوفة وخلعه والبيعة للمأمون - وجه القائد ، محمد بن سليمان ومحمد بن حماد البربري ، وأمرهما أن يبيتا الحارث بن هشام وداود بالقصر ، فبلغ الحارث الخبر ، فركب هو وداود فعبرا في مخاضة في سوراء إليهم ، فأوقعا بهم وقعة شديدة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وانهزم أهل بغداد .
ووجه الأمين أيضا الفضل بن موسى بن عيسى الهاشمي عاملا على الكوفة في [ ص: 432 ] خيل ، فبلغ طاهرا الخبر ، فوجه محمد بن العلاء في جيش إلى طريقه ، فلقي الفضل بقرية الأعراب ، فبعث إليه الفضل : إني سامع مطيع ، وإنما كان مخرجي كيدا مني لمحمد الأمين . فقال له ابن العلاء : لست أعرف ما تقول ، فإن أردت طاهرا فارجع وراءك ، فهو أسهل الطريق . فرجع الفضل ، فقال محمد بن العلاء : كونوا على حذر ، فلا آمن مكره .
ثم إن الفضل رجع إلى ابن العلاء ، وهو يظن أنه على غير أهبة ، فرآه متيقظا حذرا ، فاقتتلوا قتالا شديدا كأشد ما يكون من القتال ، فانهزم الفضل وأصحابه .