ذكر الفتنة بإفريقية  مع أهل طرابلس   
في هذه السنة ثار  أبو عصام  ومن وافقه على   إبراهيم بن الأغلب  أمير إفريقية  ، فحاربهم  إبراهيم  فظفر بهم . 
وفيها استعمل  ابن الأغلب  ابنه  عبد الله  على طرابلس  الغرب ، فلما قدم إليها ثار عليه الجند فحصروه في داره ، ثم اصطلحوا على أن يخرج عنهم ، فخرج عنهم ، فلم يبعد عن البلد حتى اجتمع كثير من الناس ، ووضع العطاء ، فأتاه البربر  من كل ناحية ، وكان يعطي الفارس كل يوم أربعة دراهم ، ويعطي الراجل في اليوم درهمين ، فاجتمع له عدد كثير ، فزحف بهم إلى طرابلس  ، فخرج إليه الجند ، فاقتتلوا ، فانهزم جند طرابلس  ، ودخل  عبد الله  المدينة  وأمن الناس ، وأقام بها . 
ثم عزله أبوه ، واستعمل بعده  سفيان بن المضاء  ، فثارت هوارة بطرابلس  ، فخرج الجند إليهم ، والتقوا فاقتتلوا ، فهزم الجند إلى المدينة  ، فتبعهم هوارة ، فخرج الجند هاربين إلى الأمير   إبراهيم بن الأغلب  ، ودخلوا المدينة  فهدموا أسوارها . 
وبلغ ذلك   إبراهيم بن الأغلب  ، فسير إليها ابنه  أبا العباس عبد الله  في ثلاثة عشر   [ ص: 436 ] ألف فارس ، فاقتتل هو والبربر  ، وقتل كثير منهم ، ودخل طرابلس  وبنى سورها . 
وبلغ خبر هزيمة البربر  إلى  عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم  ، وجمع البربر  وحرضهم ، وأقبل بهم إلى طرابلس  ، وهم جمع عظيم ، غضبا للبربر  ونصرة لهم ، فنزلوا على طرابلس  وحصروها ، فسد  أبو العباس عبد الله بن إبراهيم  باب زناتة  ، وكان يقاتل من باب هوارة ، ولم يزل كذلك إلى أن توفي أبوه   إبراهيم بن الأغلب  ، وعهد بالإمارة لولده  عبد الله  ، فأخذ أخوه  زيادة الله بن إبراهيم  له العهود على الجند ، وسير الكتاب إلى أخيه  عبد الله  ، يخبره بموت أبيه ، وبالإمارة له ، فأخذ البربر  الرسول والكتاب ، ودفعوه إلى  عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم  ، فأمر بأن ينادى  عبد الله بن إبراهيم  بموت أبيه ، [ فصالحهم على أن يكون البلد ] والبحر  لعبد الله  ، وما كان خارجا عن ذلك يكون  لعبد الوهاب  ، وسار  عبد الله  إلى القيروان  ، فلقيه الناس وتسلم الأمر ، وكانت أيامه أيام سكون ودعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					