[ ص: 69 ]   226 
ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائتين 
فيها وثب  علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ  ، وكان على المعونة  بدمشق  من قبل صول  أرتكين علي بن رجاء  ، وكان على الخراج ، فقتله وأظهر الوسواس ، ثم تكلم فيه   أحمد بن أبي دؤاد  ، فأطلق من محبسه . 
وفيها مات (  محمد بن ) عبد الله بن طاهر  فصلى عليه  المعتصم     . 
ذكر موت  الأفشين   
وفيها مات  الأفشين  ، وكان قد أنفذ إلى  المعتصم  يطلب أن ينفذ إليه من يثق به ، وأنفذ إليه  حمدون بن إسماعيل  ، فأخذ يعتذر عما قيل فيه ، وقال : قل لأمير المؤمنين إنما مثلي ومثلك كرجل ربى عجلا حتى أسمنه ، وكبر ، وكان له أصحاب يشتهون أن يأكلوا من لحمه ، فعرضوا بذبحه ، فلم يجبهم ، فاتفقوا جميعا على أن قالوا : لم تربي هذا الأسد ، فإنه إذا كبر رجع إلى جنسه ؟ ! فقال لهم : إنما هو عجل ، فقالوا : هذا أسد ، فسل من شئت . وتقدموا إلى جميع من يعرفونه ، وقالوا لهم : إن سألكم عن العجل ، فقولوا له : إنه أسد ، وكلما سأل إنسانا قال : هو سبع ، فأمر بالعجل ، فذبح ، ولكني أنا ذلك العجل كيف أقدر أن أكون أسدا ؟ الله الله في أمري . 
قال  حمدون     : فقمت عنه ، وبين يديه طبق فيه فاكهة قد أرسله  المعتصم  مع ابنه   [ ص: 70 ] الواثق  ، وهو على حاله ، فلم ألبث إلا قليلا حتى قيل إنه يموت ، أو قد مات ، فحمل إلى دار  إيتاخ  ، فمات بها ، وأخرجوه ، وصلبوه على باب العامة ليراه الناس ، ثم ألقي وأحرق بالنار ، وكان موته في شعبان . 
قال  حمدون     : وسألته هل هو مطهر أم لا ؟ فقال : ( إلى مثل هذا الموضع ) إنما قال لي هذا ، والناس مجتمعون ، ليفضحني إن قلت نعم ، قال : تكشف ، والموت كان أحب إلي من أن أتكشف بين يدي الناس ، ولكن إن شئت أتكشف بين يديك حتى تراني ، فقلت له : أنت صادق ، فلما انصرف  حمدون  وبلغ  المعتصم  رسالته أمر بقطع الطعام والشراب عنه ، إلا القليل ، حتى مات . 
قال : ولما أخذ ماله رأى في داره بيت تمثال لإنسان من خشب عليه حلية كثيرة وجوهر ، وفي أذنيه حجران مشتبكان ، عليهما ذهب ، فأخذ بعض من كان مع  سليمان  أحد الحجرين وظنه جوهرا ، وكان ذلك ليلا ، فلما أصبح نزع عنه الذهب ، ووجده شيئا شبيها بالصدف يسمى الحبرون ، ووجدوا أصناما وغير ذلك ، والأطواف الخشب التي أعدها ، ووجدوا له كتابا من كتب المجوس  ، وكتبا غيره فيها ديانته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					