وفي هذه السنة توفي ، يوم الخميس لثماني عشرة مضت من ربيع الأول ، وكان بدء علته أنه احتجم أول يوم في المحرم ، واعتل عندها . المعتصم أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدي ( بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس )
قال زنام الزامر : أفاق المعتصم في علته التي مات فيها ، فركب في الزلال في دجلة ، وأنا معه ، فمر بإزاء منازله ، فقال : يا زنام إزمر لي :
يا منزلا لم تبل أطلاله حاشا لأطلالك أن تبلى لم أبك أطلالك لكنني
بكيت عيشي فيك إذ ولى والعيش أولى ما بكاه الفتى
لا بد للمحزون أن يسلى
ولما احتضر المعتصم جعل يقول : ذهبت الحيل ، ليست حيلة ، حتى صمت ، ثم مات ودفن بسامرا .
وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر ويومين ، وكان مولده سنة تسع وسبعين ومائة .
وقيل : سنة ثمانين ومائة ، في الشهر الثامن ، وهو من ثامن الخلفاء والثامن من ولد العباس ، ومات عن ثمانية بنين وثماني بنات ، وملك ثماني سنين وثمانية أشهر ، فعلى القول الأول يكون عمره سبعا وأربعين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما ، وعلى القول الثاني يكون عمره سبعا وأربعين سنة وسبعة أشهر .
وكان أبيض ، أصهب اللحية ، طويلها ، مربوعا ، مشرب اللون حمرة ، حسن العينين ، وكان مولده بالخلدقار .
وقال يرثيه : محمد بن عبد الملك الزيات
قد قلت إذ غيبوك واصطفقت عليك أيد بالترب والطين
اذهب فنعم الحفيظ كنت على الدنيا ونعم المعين للدين
لا يجبر الله أمة فقدت مثلك إلا بمثل هارون