ذكر أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي
وفي هذه السنة تحرك ببغداذ قوم مع ، وجده مالك أحد نقباء أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي بني العباس ، وقد تقدم ذكره .
وكان سبب هذه الحركة أن كان يغشاه أصحاب الحديث أحمد بن نصر ، كابن معين وابن الدورقي ، وأبي زهير ، وكان يخالف من يقول القرآن مخلوق ، ويطلق لسانه فيه ، مع غلظة بالواثق ، وكان يقول ، إذا ذكر الواثق : فعل هذا الخنزير ، وقال هذا الكافر ، وفشا ذلك ، فكان يغشاه رجل يعرف بأبي هارون الشداخ ، وآخر يقال له : طالب ، وغيرهما ، ودعوا الناس إليه ، فبايعوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفرق أبو هارون وطالب في الناس مالا فأعطيا كل رجل دينارا ، واتعدوا ليلة الخميس لثلاث خلت من شعبان ليضربوا بالطبل فيها ، ويثوروا على السلطان .
وكان أحدهما في الجانب الشرقي من بغداد والآخر في الجانب الغربي ، فاتفق أن ممن بايعهم رجلين من بني الأشرس شربا نبيذا ليلة الأربعاء ، قبل الموعد بليلة ، فلما أخذ منهم ضربوا الطبل فلم يجبهم أحد .
وكان إسحاق بن إبراهيم صاحب الشرطة غائبا عن بغداد ، وخليفته أخوه محمد بن [ ص: 98 ] إبراهيم ، فأرسل إليهم محمد يسألهم عن قصتهم ، فلم يظهر أحد ، فدل على رجل يكون في الحمام مصاب العين ، يعرف بعيسى الأعور ، فأحضره وقرره ، فأقر على بني الأشرس ، وعلى ، وغيرهما ؛ فأخذ بعض من سمي ، وفيهم أحمد بن نصر طالب ، وأبو هارون ، ورأى في منزل بني الأشرس علمين أخضرين ، ثم أخذ خادما لأحمد بن نصر ، فقرره ، فأقر بمثل ما قال عيسى ، فأرسل إلى ، فأخذه وهو في الحمام ، وحمل إليه ، وفتش بيته ، فلم يجد فيه سلاحا ، ولا شيء من الآلات ، فسيرهم أحمد بن نصر إلى محمد بن إبراهيم الواثق مقيدين على أكف بغال ليس تحتهم وطاء إلى سامرا .
فلما علم الواثق بوصولهم جلس لهم مجلسا عاما فيه ، وكان كارها لقتل أحمد بن أبي دؤاد ، فلما حضر أحمد بن نصر أحمد عند الواثق ، لم يذكر له شيئا من فعله والخروج عليه ، ولكنه قال له : ما تقول في القرآن ؟ قال : كلام الله ، وكان أحمد قد استقتل ، فتطيب ، وتنور ، وقال الواثق : أمخلوق هو ؟ قال : كلام الله . قال : فما تقول في ربك أتراه يوم القيامة ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! قد جاءت الأخبار عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ، فنحن على الخبر ، وحدثني ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ، قال : لا تضامون في رؤيته سفيان بحديث رفعه : . أن قلب ابن آدم ( المؤمن ) بين أصبعين من أصابع الرحمان ، يقلبه
وكان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يدعو : " " . قال يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك إسحاق بن إبراهيم : انظر ما يقول . قال : أنت أمرتني بذلك ، فخاف إسحاق ، [ ص: 99 ] وقال أنا أمرتك ؟ قال : نعم ، أمرتني أن أنصح له ، ونصيحتي له أن لا يخالف حديث رسول الله عليه وسلم ، فقال الواثق لمن حوله : ما تقولون فيه ؟ فقال عبد الرحمن بن إسحاق ، وكان قاضيا على الجانب الغربي : وعزك يا أمير المؤمنين هو حلال الدم .
وقال بعض أصحاب : ( اسقني دمه ، وقال ابن أبي دؤاد ) : هو كافر يستتاب لعل به عاهة ونقص عقل ، كأنه كره أن يقتل بسببه ، فقال ابن أبي دؤاد الواثق : إذا رأيتموني قد قمت إليه فلا يقومن أحد ، فإني أحتسب خطاي إليه ، ودعا بالصمصامة سيف عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، ومشى إليه ، وهو في وسط الدار على نطع ، فضربه على حبل عاتقه ، ثم ضربه أخرى على رأسه ، ثم ضرب سيما الدمشقي رقبته ، وحز رأسه ، وطعنه الواثق بطرف الصمصامة في بطنه ، وحمل حتى صلب عند بابك ، وحمل رأسه إلى بغداد ، فنصب بها ، وأقيم عليه الحرس ، وكتب في أذنه رقعة : هذا رأس الكافر ، المشرك ، الضال ، . أحمد بن نصر
وتتبع أصحابه ، فجعلوا في الحبوس .