ذكر خروج الكفار بالأندلس إلى بلاد الإسلام .
في هذه السنة خرج المجوس من بلاد الأندلس ، في مراكب ، إلى بلاد الإسلام ، فأمر محمد بن عبد الرحمن ، صاحب بلاد الإسلام ، بإخراج العساكر إلى قتالهم ، فوصلت مراكب المجوس إلى إشبيلية ، فحلت بالجزيرة ، ودخلت الحاضر إلى قتالهم ، وأحرقت المسجد الجامع ، ثم جازت إلى العدوة ، فحلت بناكور ، ثم عادت إلى الأندلس ، فانهزم أهل تدمير ، ودخلوا حصن أريوالة .
ثم تقدموا إلى حائط إفرنجة ، وأغاروا ، وأصابوا من النهب والسبي كثيرا ، ثم [ ص: 166 ] انصرفوا ، فلقيتهم مراكب محمد ، فقاتلوهم ، فأحرقوا مركبين من مراكب الكفار ، وأخذوا مركبين آخرين ، فغنموا ما فيهما ، فحمي الكفرة عند ذلك ، وجدوا في القتال ، فاستشهد جماعة من المسلمين ، ومضت مراكب المجوس حتى وصلت إلى مدينة بنبلونة ، فأصابوا صاحبها غرسية الفرنجي ، فافتدى نفسه منهم بتسعين ألف دينار .
وفيها غزا عامل طرسونة إلى بنبلونة ، فافتتح حصن بيلسان وسبى أهله ، ثم كانت على المسلمين في اليوم الثاني وقعة استشهد فيها جماعة .
ذكر الحرب بين البربر وابن الأغلب بإفريقية
في هذه السنة كانت بين البربر وعسكر أبي إبراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب وقعة عظيمة في جمادى الآخرة .
وسببها أن بربر لهان امتنعوا على عامل طرابلس من أداء عشورهم وصدقاتهم ، وحاربوه ، فهزموه ، فقصد لبدة ، فحصنها ، وسار إلى طرابلس ، فسير إليه أحمد بن محمد الأمير جيشا مع أخيه زيادة الله ، فانهزم البربر ، وقتل منهم خلق كثير ، وسير زيادة الله الخيل في آثارهم ، فقتل من أدرك منهم ، وأسر جماعة ، فضربت أعناقهم ، وأحرق ما كان في عسكرهم ، فأذعن البربر بعدها ، وأعطوا الرهن ، وأدوا طاعتهم .
ذكر عدة حوادث
( في هذه السنة يعقوب بن إسحاق النحوي المعروف بابن السكيت ، وكان سبب موته أنه اتصل توفي بالمتوكل ، فقال له : أيهما أحب إليك المعتز والمؤيد ، أو الحسن والحسين ؟ فتنقص ابنيه ، وذكر الحسن والحسين ، عليهما السلام ، بما هما أهل له ، فأمر الأتراك فداسوا بطنه ، فحمل إلى داره ، فمات .
[ الوفيات ]
وفيها توفي ذو النون المصري في ذي القعدة ، [ ص: 167 ] وأبو تراب النخشبي الصوفي ، نهشته السباع فمات بالبادية .
وأبو علي الحسين بن علي ، المعروف بالكرابيسي ، صاحب الشافعي ، وقيل : مات سنة ثمان وأربعين [ ومائتين ] ، ، وكان قد عمي . وسوار بن عبد الله القاضي العنبري