ذكر أبي أحمد إلى واسط عود
وفيها انحاز أبو أحمد من موضعه إلى واسط ; وكان سبب ذلك أنه لما سار إلى نهر أبي الأسد كثرت الأمراض في أصحابه ، وكثر فيهم الموت ، فرجع إلى باذاورد فأقام بها ، وأمر بتجديد الآلات ، وإعطاء الجند أرزاقهم ، وإصلاح السميريات والشذا ، وشحنها بالقواد ، وعاد إلى عسكر صاحب الزنج ، وأمر جماعة من قواده بقصد مواضع سماها من نهر أبي الخصيب وغيره ، وبقي معه جماعة ، فمال أكثر الخلق ، حين التقى الناس ونشبت الحرب ، إلى نهر أبي الخصيب ، وبقي أبو أحمد في قلة أصحابه ، فلم يزل عن موضعه خوفا أن يطمع الزنج .
ولما رأى الزنج قلة من معه طمعوا فيه ، وكثروا عليه ، واشتدت الحرب عنده ، وكثر القتل والجراح ، وأحرق أصحاب أبي أحمد منازل الزنوج ، واستنقذوا من النساء جمعا كثيرا ، ثم ألقى الزنج جدهم نحوه ، فلما رأى أبو أحمد ذلك علم أن الحزم في المحاجزة ، فأمر أصحابه بالرجوع إلى سفنهم على مهل وتؤدة .
( واقتطع الزنج ) طائفة من أصحابه ، فقاتلوهم ، فقتلوا من الزنج خلقا كثيرا ، ثم قتلوا جميعهم ، وحملت رءوسهم إلى قائد الزنج ، وهي مائة رأس وعشرة أرؤس ، فزاد ذلك في عتوه .
[ ص: 306 ] ونزل أبو أحمد في عسكره بباذاورد ، فأقام يعبئ أصحابه للرجوع إلى الزنج ، فوقعت نار في أطراف عسكره ، في يوم ريح عاصف ، فاحترق كثير منه ، فرحل منها إلى واسط ، فلما نزل واسط تفرق عنه عامة أصحابه ، فسار منها إلى سامرا ، واستخلف على واسط ، لحرب العلوي محمد بن المولد .