ذكر الصفار إلى فارس والحرب بينه وبين ابن واصل عود
لما كان من الواقعة بين عبد الرحمن بن مفلح وبين ابن واصل ما ذكرناه ، اتصل خبرهما إلى يعقوب الصفار وهو بسجستان ، فتجدد طمعه في ملك بلاد فارس ، وأخذ الأموال والخزائن والسلاح التي غنمها ابن واصل من ابن مفلح ، فسار مجدا .
وبلغ ابن واصل خبر قربه منه وأنه نزل البيضاء من أرض فارس ، وهو بالأهواز ، فعاد عنها لا يلوي على شيء ، وأرسل خاله أبا بلال مرداسا إلى الصفار ، فوصل إليه ، وضمن له طاعة ابن واصل ، فأرسل يعقوب الصفار إلى ابن واصل كتبا ورسلا في المعنى ، فحبسهم ابن واصل ، وسار يطلب الصفار والرسل معه يريد أن يخفي خبره ، وأن يصل إلى الصفار بغتة لم يعلم به ، فينال منه غرضه ، ويوقع به .
فسار في يوم شديد الحر ، في أرض صعبة المسلك ، وهو يظن أن خبره قد خفي عن الصفار ، فلما كان الظهر تعبت دوابهم ، فنزلوا ليستريحوا ، فمات من أصحاب ابن واصل من الرجالة كثير جوعا وعطشا ، وبلغ خبرهم الصفار ، فجمع أصحابه وأعلمهم الخبر وسار ، وقال لأبي بلال : إن ابن واصل قد غدر بنا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ! ومضى الصفار إلى ابن واصل ، فلما قاربهم وعلموا به انخذلوا وضعفت نفوسهم عن مقاومته ومقاتلته ، ولم يتقدموا خطوة ، فلما صار بين الفريقين رمية سهم انهزم أصحاب ابن واصل من غير قتال ، وتبعهم عسكر الصفار ، وأخذوا منهم جميع ما غنموا من ابن مفلح ، واستولى على بلاد فارس ، ورتب بها أصحابه وأصلح أحوالها .
( ومضى ابن واصل منهزما ، فأخذ أمواله من قلعته ، وكانت أربعين ألف ألف [ ص: 323 ] درهم ، وأوقع يعقوب بأهل زم لأنهم أعانوا ابن واصل ) ، وحدث نفسه بالاستيلاء على الأهواز وغيرها .