ذكر الزنج رامهرمز دخول
وفيها دخل علي بن أبان ، والزنج رامهرمز وسبب ذلك أن محمد بن عبيد الله كان يخاف علي بن أبان لما في نفس علي منه ، لما ذكرناه ، فكتب إلى أنكلاي ابن العلوي وسأله أن يسأل أباه ليرفع يد علي عنه ويضمه إلى نفسه ، فزاد ذلك غيظ علي منه ، كتب إلى الخبيث بالإيقاع بمحمد ، ويجعل ذلك الطريق إلى مطالبة بالخراج ، فأذن له ، فكتب إلى محمد يطلب منه حمل الخراج ، فمطله ، ودافعه ، فسار إليه علي وهو برامهرمز ، فهرب محمد عنها ، ودخلها علي والزنج فاستباحها ، ولحق محمد بأقصى معاقله ، وانصرف علي غانما .
وخاف محمد فكتب إليه يطلب المسالمة ، فأجابه إلى ذلك على مال يؤديه إليه ، فحمل إليه مائتي ألف درهم ، فأنفذها إلى صاحب الزنج ، وأمسك عن محمد بن عبيد الله وأعماله .
وفيها كانت وقعة للزنج انهزموا فيها ، وكان سببها أن محمد بن عبيد الله ) كتب إلى علي بن أبان ، بعد الصلح ، يسأله المعونة على الأكراد الدارنان على أن يجعل له ولأصحابه غنائمهم ، فكتب علي إلى صاحبه يستأذنه ، فكتب إليه أن وجه إليه جيشا ، وأقم أنت ، لا تنفذ أحدا حتى تستوثق منه بالرهائن ، ( ولا يأمن غزوه والطلب بثأره . فكتب علي إلى محمد يطلب منه اليمين ) والرهائن ، فبذل له اليمين ، ومطله بالرهائن ، فلحرص علي على الغنائم أنفذ إليه جيشا ، فسير محمد معهم طائفة من أصحابه إلى الأكراد ، فخرج إليهم الأكراد فقاتلوهم ، ونشبت الحرب ، فتخلى أصحاب محمد عن الزنج ، فانهزموا وقتلت الأكراد منهم خلقا كثيرا .
[ ص: 367 ] وكان محمد قد أعد لهم من يتعرضهم إذا انهزموا ، فصادفوهم ، وأوقعوا بهم ، وسلبوهم ، وأخذوا دوابهم ، ورجعوا ( بأسوإ حال ، فكتب علي إلى الخبيث بذلك فعنفه ، وقال : ضيعت أمري في ترك الرهائن ، وكتب إلى محمد يتهدده ، فخاف محمد وكتب إليه يخضع ويذل ، ورد بعض الدواب وقال :
إنني كبست من كانت عندهم ، وخلصت هذه منهم . فأظهر الخبيث الغضب عليه ، فأرسل محمد إليه بهبود ، ومحمد بن يحيى الكرماني ، وكانا أقرب الناس إلى علي ، فضمن لهما مالا إن أصلحا له عليا وصاحبه ، ففعلا ذلك ، فأجابهما الخبيث إلى الرضا عن محمد على أن يخطب له على منابر بلاده ، وأعلما محمدا ذلك ، فأجابهما إلى كل ما طلبا ، وجعل يراوغ في الدعاء له على المنابر .
ثم إن عليا استعد لمتوث ، وسار إليها ، فلم يظفر بها ، فرجع ، وعمل السلاليم ، الآلات التي يصعد بها إلى السور ، واستعد لقصدها ، فعرف ذلك منصور البلخي ، وهو يومئذ بكور الأهواز ، فلما سار علي إليها سار إليه مسرور ، فوافاه قبل المغرب وهو نازل عليها ، فلما عاين الزنج أوائل خيل مسرور انهزموا أقبح هزيمة ، وتركوا جميع ما كانوا أعدوه ، وقتل منهم خلق كثير ، وانصرف علي مهزوما ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتته الأخبار بإقبال الموفق ، ولم يكن لعلي بعد متوث وقعة ، حتى فتحت سوق الخميس وطهثا على الموفق ، فكتب إليه صاحبه يأمره بالعود إليه ، ويستحثه حثا شديدا .