في هذه السنة في ربيع الآخر توفي ، ليلة الاثنين لثمان بقين منه ، وكان مولده في ذي الحجة من سنة اثنتين وأربعين ومائتين . المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق بن المتوكل
ولما اشتد مرضه اجتمع القواد ، منهم يونس الخادم ، وموشكير ، وغيرهما . وقالوا للوزير ليجدد البيعة القاسم بن عبيد الله للمكتفي . وقالوا : إنا لا نأمن فتنة ، فقال : إن هذا المال لأمير المؤمنين ولولده من بعده ، وأخاف [ أن ] أطلق المال ، فيبرأ من علته ، فينكر علي ذلك .
فقال : إن برئ من مرضه ، فنحن المحتجون ، والمناظرون ، وإن صار الأمر إلى ولده ، فلا يلومنا ، ونحن نطلب الأمر له .
فأطلق المال وجدد عليه البيعة ، وأحضر عبد الواحد بن ( الموفق ، وأخذ عليه البيعة فوكل به ، وأحضر ابن المعتز ، ومضى ابن المؤيد ، وعبد العزيز بن ) المعتمد ، ووكل بهم .
فلما توفي أحضر يوسف بن يعقوب ، وأبا حازم ، وأبا عمر بن يوسف بن يعقوب فتولى غسله ، وصلى عليه الوزير ، ودفن ليلا في دار محمد بن يوسف ، وجلس الوزير في دار الخلافة للعزاء ، وجدد البيعة محمد بن طاهر للمكتفي .
وكانت أم المعتضد ، واسمها ضرار ، قد توفيت قبل خلافته .
[ ص: 524 ] وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر ، وثلاثة عشر يوما ; وخلف من الولد الذكور : عليا وهو المكتفي ، وجعفرا وهو المقتدر ، وهارون ، ومن البنات إحدى عشرة بنتا ، وقيل : سبع عشرة .
( ولما حضرته الوفاة أنشد :
تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا ولا تأمنن الدهر إني أمنته فلم
يبق لي حالا ولا يرع لي حقا قتلت صناديد الرجال ولم أدع
عدوا ولم أمهل على طغيه خلقا وأخليت دار الملك من كل نازع
فشردتهم غربا ومزقتهم شرقا فلما بلغت النجم عزا ورفعة
وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا رماني الردى سهما فأخمد جمرتي
فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ألقى ولم يغن عني ما جمعت ولم أجد
لذي الملك والأحياء في حسنها رفقا فيا ليت شعري بعد موتي ما ألقى
؟ إلى نعم الرحمن أم ناره ألقى