[ ص: 543 ]   292 
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائتين 
ذكر استلاء  المكتفي  على الشام  ، ومصر  وانقراض ملك الطولونية  
وفي المحرم منها سار   محمد بن سليمان  إلى حدود مصر  لحرب  هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون     . 
وسبب ذلك أن   محمد بن سليمان  لما تخلف عن  المكتفي  ، وعاد عن محاربة القرامطة  ، واستقصى  محمد  في طلبهم ، فلما بلغ ما أراد عزم على العود إلى العراق  ، فأتاه كتاب  بدر الحمامي غلام ابن طولون  ، وكتاب فائق ، وهما بدمشق  ، يدعوانه إلى قصد البلاد بالعساكر ليساعداه على أخذها ، فلما عاد إلى بغداذ  أنهى ذلك إلى  المكتفي  ، فأمره بالعود ، وسير معه الجنود ، والأموال . 
ووجه  المكتفي  دميانة غلام يازمان  ، وأمره بركوب البحر إلى مصر  ، ودخول النيل ، وقطع المواد عن مصر  ، ففعل ، وضيق عليهم . 
وزحف إليهم   محمد بن سليمان  في الجيوش ، في البر ، حتى دنا من مصر  ، وكاتب من بها من القواد ; وكان أول من خرج إليه  بدر الحمامي  ، وكان رئيسهم ، فكسرهم ذلك ، وتتابع المستأمنة من قواد المصريين  ، فلما رأى ذلك  هارون  خرج فيمن معه لقتال   [ ص: 544 ]  محمد بن سليمان  ، فكانت بينهم وقعات ، ثم وقع بين أصحاب  هارون  في بعض الأيام عصبية ، فاقتتلوا ، فخرج  هارون  يسكنهم ، فرماه بعض المغاربة بمزراق معه فقتله ، فلما قتل قام عمه  شيبان  بالأمر من بعده ، وبذل المال للجند ، فأطلقوه وقاتلوا معه ، فأتتهم كتب  بدر  يدعوهم إلى الأمان ، فأجابوه إلى ذلك . 
فلما علم   محمد بن سليمان  الخبر سار إلى مصر  ، فأرسل إليه  شيبان  يطلب الأمان ، فأجابه ، فخرج إليه ليلا ، لم يعلم به أحد من الجند ، فلما أصبحوا قصدوا داره ، ولم يجدوه ، فبقوا حيارى ، لما وصل محمد مصر  دخلها ، واستولى على دور آل طولون  ، وأموالهم ، وأخذهم جميعا ، وهم بضعة عشر رجلا ، فقيدهم ، وحبسهم ، واستقصى أموالهم ، ( وكان ذلك في صفر ) ، وكتب بالفتح إلى  المكتفي  ، فأمر بإشخاص آل طولون  وأسبابهم من مصر  والشام  إلى بغداذ  ، لا يترك منهم أحدا ، ففعل ذلك ، وعاد إلى بغداذ  ، وولى معونة مصر  عيسى النوشري     . 
ثم ظهر بمصر  إنسان يعرف  بالخلنجي  ، وهو من قوادهم ، وكان تخلف عن   محمد بن سليمان  ، فاستمال جماعة ، وخالف على السلطان ، وكثر جمعه ، وعجز  النوشري     ( عنه ، فسار ) إلى الإسكندرية  ، ودخل  إبراهيم الخلنجي  مصر  ، وكتب  النوشري  إلى  المكتفي  بالخبر ، فسير إليه الجنود مع  فاتك مولى المعتضد  ،  وبدر الحمامي  ، فساروا في شوال نحو مصر    . 
 [ ص: 545 ] ذكر عدة حوادث 
وفيها أخذ بالبصرة  رجل ذكروا أنه أراد الخروج ، وأخذ معه ولده وتسعة وثلاثون رجلا ، وحملوا إلى بغداد  ، فكانوا يبكون ، ويستغيثون ، ويحلفون أنهم برآء ، فأمر بهم  المكتفي  فحبسوا . 
وفيها أغار  أندرونقس الرومي  على مرعش  ونواحيها ، فنفر أهل المصيصة  وأهل طرسوس  فأصيب  أبو الرجال بن أبي بكار  في جماعة من المسلمين ، فعزل الخليفة  أبا العشائر  عن الثغور ، واستعمل عليهم  رستم بن بردوا     . 
وفيها كان الفداء على يد  رستم  ، فكان جملة من فودي به من المسلمين ألف نفس ( ومائتي نفس ) . 
وحج بالناس  الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن عباس بن محمد     . 
وفيها زادت دجلة  زيادة مفرطة ، حتى تهدمت الدور التي على شاطئها بالعراق    . 
وفيها في العشرين من أيار ، طلع كوكب له ذنب عظيم جدا في برج الجوزاء . 
وفيها وقع الحريق ببغداذ  بباب الطاق من الجانب الشرقي إلى طرق الصفارين ، فاحترق ألف دكان مملوءة متاعا للتجار . 
  [ الوفيات ] 
وفيها توفي   أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي  ، ويقال الكشي     . 
 [ ص: 546 ] وفيها توفي  القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز أبو حازم  ، قاضي المعتضد بالله  ، ببغداذ  ، وكان من أفاضل القضاة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					