ذكر حادثة ينبغي أن يحتاط من مثلها ويفعل فيها مثل فعل صاحبها
كان متصلا سليمان بن الحسن بن مخلد بابن الفرات ، وبينهما مودة وصداقة ، فوجد الوزير كتب البيعة لابن المعتز بخط سليمان لاتصال كان لمحمد بن داود بن الجراح وقرابة بينهما ، فلم يظهر عليها المقتدر ، وأخفاها عنه ، وأحسن ابن الفرات إلى
[ ص: 574 ] سليمان ، وقلده الأعمال ، فسعى سليمان بابن الفرات إلى المقتدر ، وكتب بخطه مطالعة تتضمن ذكر أملاك الوزير وضياعه ومستغلاته وما يتعلق بأسبابه ، وأخذ الرقعة ليوصلها إلى المقتدر ، فلم يتهيأ له ذلك .
وحضر دار الوزير وهي معه ، وسقطت من كمه ، فظفر بها بعض الكتاب فأوصلها إلى الوزير ، فلما قرأها قبض على سليمان ، وجعله في زورق وأحضره إلى واسط ، ووكل به هناك ، وصادره ، ثم أراد العفو عنه ، فكتب إليه : نظرت - أعزك الله - في حقك علي وجرمك إلي ، فرأيت الحق موفيا على الجرم ، وتذكرت من سالف خدمتك ما عطفني عليك ، وثناني إليك وأعادني لك إلى أفضل ما عهدت ، وأجمل ما ألفت ، وأطلق له عشرة آلاف درهم ، وعفا عنه ، واستعمله وأكرمه .