وهو عمرو بن المنذر بن ماء السماء اللخمي صاحب الحيرة ، وكان يلقب مضرط الحجارة لشدة ملكه وقوة سياسته ، وأمه هند بنت الحارث بن عمرو المقصور بن آكل المرار ، وهي عمة امرئ القيس بن حجر بن الحارث .
وكان سبب قتله أنه قال يوما لجلسائه : هل تعلمون أن أحدا من العرب من أهل مملكتي يأنف أن تخدم أمه أمي ؟ قالوا : ما نعرفه إلا أن يكون عمرو بن كلثوم التغلبي ، فإن أمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة ، وعمها كليب وائل ، وزوجها كلثوم ، وابنها عمرو .
[ ص: 493 ] فسكت مضرط الحجارة على ما في نفسه ، وبعث إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ، ويأمر أن تزور أمه ليلى أم نفسه هندا بنت الحارث . فقدم عمرو بن كلثوم في فرسان من بني تغلب ومعه أمه ليلى ، فنزل على شاطئ الفرات ، وبلغ عمرو بن هند قدومه ، فأمر فضربت خيامه بين الحيرة والفرات ، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته ، فصنع لهم طعاما ثم دعا الناس إليه فقرب إليهم الطعام على باب السرادق ، وجلس هو وعمرو بن كلثوم وخواص أصحابه في السرادق ، ولأمه هند قبة في جانب السرادق ، وليلى أم عمرو بن كلثوم معها في القبة ، وقد قال مضرط الحجارة لأمه : إذا فرغ الناس من الطعام ولم يبق إلا الطرف فنحي خدمك عنك ، فإذا دنا الطرف فاستخدمي ليلى ومريها فلتناولك الشيء بعد الشيء .
ففعلت هند ما أمرها به ابنها ، فلما استدعي الطرف قالت هند لليلى : ناوليني هذا الطبق . فقالت : لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها . فألحت عليها . فقالت ليلى : واذلاه يا آل تغلب ! فسمعها ولدها عمرو بن كلثوم ، فثار الدم في وجهه والقوم يشربون ، فعرف عمرو بن هند الشر في وجهه ، وثار ابن كلثوم إلى سيف ابن هند وهو معلق في السرادق ، وليس هناك سيف غيره ، فأخذه ثم ضرب به رأس مضرط الحجارة فقتله ، وخرج فنادى : يا آل تغلب ! فانتهبوا ماله وخيله وسبوا النساء وساروا فلحقوا بالحيرة ، فقال أفنون التغلبي :
لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا لتخدم ليلى أمه بموفق فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتا
وأمسك من ندمانه بالمخنق