ذكر ابن الفرات الثانية وعزل علي بن عيسى وزارة
في هذه السنة ، في ذي الحجة ، عزل علي بن عيسى عن الوزارة ، وأعيد إليها . أبو الحسن علي بن الفرات
وكان ( سبب ذلك أن أبا الحسن بن الفرات كان ) محبوسا ، وكان المقتدر يشاوره وهو في محبسه ، ويرجع إلى قوله ، وكان علي بن عيسى يمشي أمر الوزارة ، ولم يتبع أصحاب ابن الفرات وأسبابه ( ولا غيره ) ، وكان جميل المحضر ( قليل [ ص: 645 ] الشر ) ، فبلغه أن أبا الحسن بن الفرات قد تحدث له جماعة من أصحاب الخليفة في إعادته إلى الوزارة ، فسارع واستعفى من الوزارة ، وسئل في ذلك ، فأنكر المقتدر عليه ، ومنعه من ذلك ، فسكن .
فلما كان آخر ذي القعدة جاءته أم موسى القهرمانة لتتفق معه على ما يحتاج حرم الدار والحاشية التي للدار من الكسوات والنفقات ، فوصلت إليه وهو نائم ، فقال لها حاجبه : إنه نائم ولا أجسر [ أن ] أوقظه ، فاجلسي في الدار ساعة حتى يستيقظ ، فغضبت من هذا وعادت ، واستيقظ علي بن عيسى في الحال ، فأرسل إليها حاجبه وولده يعتذر ، فلم يقبل منه ، ودخلت على المقتدر وتخرصت على الوزير عنده وعند أمه ، فعزله عن الوزارة ، وقبض عليه ثامن ذي القعدة .
وأعيد ابن الفرات إلى الوزارة ، وضمن على نفسه أن يحمل كل يوم إلى بيت المال ألف دينار وخمسمائة دينار ، فقبض على أصحاب الوزير علي بن عيسى وعاد فقبض على الخاقاني الوزير وأصحابه ، واعترض العمال وغيرهم ، وعاد عليهم بأموال عظيمة ليقوم بما ضمنه .
وكان علي بن عيسى قد تعجل بمال من الخراج لينفقه في العيد ، فاتسع به ابن الفرات .
وكان قد كاتب العمال بالبلاد كفارس ، والأهواز ، وبلاد الجبل ، وغيرهما في حمل المال ، وحثهم على ذلك غاية الحث ، فوصل بعد قبضه ، فادعى ابن الفرات الكفاية والنهضة في جمع المال .
وكان أبو علي بن مقلة مستخفيا مذ قبض ابن الفرات إلى الآن ، فلما عاد ابن [ ص: 646 ] الفرات إلى الوزارة ظهر ، فأشخصه ابن الفرات وقربه .