[ ص: 662 ] 307
ثم دخلت سنة سبع وثلاثمائة
في هذه السنة أعمال الخراج ، والضياع الخاصة حامد بن العباس ، والعامة ، والمستحدثة ، والفراتية بسواد ضمن بغداذ ، والكوفة ، وواسط ، والبصرة ، والأهواز ، وأصبهان .
وسبب ذلك أنه لما رأى أنه قد تعطل عن الأمر والنهي وتفرد به علي بن عيسى شرع في هذا ليصير له حديث وأمر ونهي ، واستأذن المقتدر في الانحدار إلى واسط ( ليدبر أمر ضمانه الأول ) ، فأذن له في ذلك ، فانحدر إليها واسم الوزارة عليه ، وعلي بن عيسى يدبر الأمور ، وأظهر حامد زيادة ظاهرة في الأموال ، وزاد زيادة متوفرة ، فسر المقتدر بذلك ، وبسط يد حامد على الأعمال ، حتى خافه علي بن عيسى .
ثم إن السعر تحرك ببغداذ ، فثارت العامة والخاصة لذلك ، واستغاثوا ، وكسروا المنابر ، وكان حامد يخزن الغلال ، وكذلك غيره من القواد ونهبت عدة من دكاكين الدقاقين ، فأمر المقتدر بإحضار ، فحضر من حامد بن العباس الأهواز ، فعاد الناس من شغبهم ، فأنفذ حامد لمنعهم ، فقاتلوهم ، وأحرقوا الجسرين ، وأخرجوا المحبسين من السجون ، ونهبوا دار صاحب الشرطة ، ولم يتركوا له شيئا ، فأنفذ المقتدر جيشا مع غريب الخال ، فقاتل العامة ، فهربوا من بين يديه ، ودخلوا الجامع بباب الطاق ، فوكل بأبواب الجامع ، وأخذ كل من فيه فحبسهم ، وضرب بعضهم ، وقطع أيدي من يعرف بالفساد .
[ ص: 663 ] ثم أمر المقتدر من الغد ، فنودي في الناس بالأمان ، فسكنت الفتنة ، ثم إن حامدا ركب إلى دار المقتدر في الطيار ، فرجمه العامة ، ثم أمر المقتدر بتسكينهم فسكنوا ، وأمر المقتدر بفتح مخازن الحنطة والشعير التي لحامد ، ولأم المقتدر ، وغيرهما ، وبيع ما فيها ، فرخصت الأسعار ، وسكن الناس ، فقال علي بن عيسى للمقتدر : إن سبب غلاء الأسعار إنما هو ضمان حامد لأنه منع من بيع الغلال في البيادر وخزنها ، فأمر بفسخ الضمان عن حامد ، وصرف عماله عن السواد ، وأمر علي بن عيسى أن يتولى ذلك ، فسكن الناس واطمأنوا ، وكان أصحاب حامد يقولون إن ذلك الشغب كان بوضع من علي بن عيسى .