ذكر قبض الوزير  سليمان  ووزارة  أبي القاسم الكلوذاني   
وفي هذه السنة قبض  المقتدر  على وزيره  سليمان بن الحسن     . 
وكان سبب ذلك أن  سليمان  ضاقت الأموال عليه إضاقة شديدة ، وكثرت عليه المطالبات ، ووقفت وظائف السلطان ، واتصلت رقاع من يرشح نفسه للوزارة بالسعاية لها والضمان بالقيام بالوظائف ، وأرزاق الجند ، وغير ذلك ، فقبض عليه ، ونقله إلى داره . 
وكان  المقتدر  كثير الشهوة لتقليد  الحسن بن القاسم  الوزارة ، فامتنع  مؤنس  من ذلك ، وأشار بوزارة  أبي القاسم الكلوذاني  ، فاضطر  المقتدر  إلى ذلك ، فاستوزره لثلاث بقين من رجب ، فكانت وزارة  سليمان  سنة واحدة وشهرين ، وكانت وزارته غير متمكنة أيضا ، فإنه كان  علي بن عيسى  معه على الدواوين وسائر الأمور ، وأفرد  علي بن عيسى     ( عنه بالنظر في المظالم ) ، واستعمل على ديوان السواد غيره ، فانقطعت مواد الوزير ، فإنه كان يقيم من قبله من يشتري توقيعات أرزاق جماعة لا يمكنهم مفارقة ما هم عليه بصدده من الخدمة ، فكان يعطيهم نصف المبلغ ، وكانت إدرارات الفقهاء وأرباب البيوت إلى غير ذلك . 
وكان  أبو بكر بن قرابة  منتميا إلى  مفلح  الخادم ، فأوصله إلى  المقتدر  ، فذكر له أنه يعرف وجوه مرافق الوزراء ، فاستعمله عليها ليصلحه للخليفة ، فسعى في تحصيل ذلك من العمال ، والضمان ، والتناء ، وغيرهم ، فأخلق بذلك الخلافة وفضح الديوان ووقفت أحوال الناس ، فإن الوزراء وأرباب الولايات لا يقومون بأشغال الرعايا والتعب   [ ص: 758 ] معهم إلا لرفق يحصل لهم ، وليس لهم من الدين ما يحملهم على النظر في أحوالهم ، فإنه بعيد منهم ، فإذا منعوا تلك المرافق ( تركوا الناس يضطربون ) ، ولا يجدون من يأخذ بأيديهم ، ولا يقضي حوائجهم ، فإني قد رأيت هذا عيانا في زماننا هذا ، وفات به من المصالح العامة والخاصة ما لا يحصى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					