ذكر ظهور الوحشة بين   ابن رائق  والبريدي  ، والحرب بينهما  
في هذه السنة أيضا ظهرت الوحشة بين   ابن رائق  والبريدي  ، وكان لذلك عدة أسباب منها : أن   ابن رائق  لما عاد من واسط  إلى بغداذ  ، أمر بظهور من اختفى من الحجريين ، فظهروا ، فاستخدم منهم نحو ألفي رجل ، وأمر الباقين بطلب الرزق أين أرادوا ، فخرجوا من بغداذ  ، واجتمعوا بطريق خراسان  ، ثم ساروا إلى  أبي عبد الله البريدي  ، فأكرمهم وأحسن إليهم ، وذم   ابن رائق  وعابه ، وكتب إلى بغداذ  يعتذر عن قبولهم ، ويقول : إنني خفتهم ، فلهذا قبلتهم ، وجعلهم طريقا إلى قطع ما استقر عليه من المال ، وذكر أنهم اتفقوا مع الجيش الذي عنده ومنعوه من حمل المال ( الذي استقر عليه ) ، فأنفذ إليه   ابن رائق  يلزمه بإبعاد الحجرية  ، فاعتذر ولم يفعل . 
ومنها   ابن رائق  بلغه ما ذمه به  ابن البريدي  عند أهل البصرة  ، فساءه ذلك ، وبلغه مقام إقبال في جيشه بحصن مهدي  ، فعظم عليه ، واتهم الكوفي بمحاباة  البريدي  ، وأراد عزله ، فمنعه عنه  أبو بكر محمد بن مقاتل  ، وكان مقبول القول عند   ابن رائق  ، فأمر الكوفي أن يكتب إلى  البريدي  يعاتبه على هذه الأشياء ، ويأمره بإعادة عسكره   [ ص: 62 ] من حصن مهدي  ، فكتب إليه في ذلك ، فأجاب بأن أهل البصرة  يخفون القرامطة  ،  وابن يزداد  عاجز عن حمايتهم ، وقد تمسكوا بأصحابي لخوفهم . 
وكان  أبو طاهر الهجري  قد وصل إلى الكوفة  في الثالث والعشرين من ربيع الآخر ، فخرج   ابن رائق  في عساكره إلى قصر ابن هبيرة  ، وأرسل إلى  القرمطي  ، فلم يستقر بينهم أمر ، فعاد  القرمطي  إلى بلده ، فعاد حينئذ   ابن رائق  وسار إلى واسط  ، فبلغ ذلك  البريدي  ، فكتب إلى عسكره بحصن مهدي  يأمرهم بدخول البصرة  ، وقتال من منعهم ، وأنفذ إليهم جماعة من الحجرية  معونة لهم ، فأنفذ  ابن يزداد  جماعة من عنده ليمنعهم من دخول البصرة  ، فاقتتلوا بنهر الأمير  ، فانهزم أصحاب  ابن يزداد  ، فأعادهم ، وزاد في عدتهم كل متجند في البصرة  ، واقتتلوا ثانيا فانهزموا أيضا . 
ودخل إقبال وأصحاب  البريدي  البصرة  ، وانهزم  ابن يزداد  إلى الكوفة  ، وقامت القيامة على   ابن رائق  ، وكتب إلى  أبي عبد الله البريدي  يتهدده ، ويأمره بإعادة أصحابه من البصرة  ، فاعتذر ولم يفعل ، وكان أهل البصرة  في أول الأمر يريدون  البريدي  لسوء سيرة  ابن يزداد     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					