ذكر بجكم والبريدي ، والصلح بعد ذلك الحرب بين
لما أقام بجكم بواسط وعظم شأنه ، خافه ; لأنه ظن ما فعله ابن رائق بجكم من التغلب على العراق ، فراسل أبا عبد الله البريدي وطلب منه الصلح على بجكم ، فإذا انهزم تسلم البريدي واسطا ، وضمنها بستمائة ألف دينار في السنة على أن ينفذ أبو عبد الله عسكرا .
فسمع بجكم بذلك ، فخاف واستشار أصحابه في الذي يفعله ، فأشاروا عليه بأن يبتدئ بأبي عبد الله البريدي ، وأن لا يهجم إلى حضرة الخلافة ، ولا يكاشف إلا بعد الفراغ من ابن رائق البريدي ، ( فجمع عسكره ، وسار إلى البصرة يريد البريدي ) ، فسير أبو عبد الله جيشا بلغت عدتهم عشرة آلاف رجل ، عليهم غلامه أبو جعفر محمد الحمال ، فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم عسكر البريدي ، ولم يتبعهم بجكم بل كف عنهم .
وكان البريديون بمطارا ينتظرون ما ينكشف من الحال ، فلما انهزم عسكرهم خافوا ، وضعفت نفوسهم ، إلا أنه لما رأى عسكره سالما لم يقتل منهم أحد ( ولا غرق ) طاب قلبه .
وكانت نية بجكم إذلال البريدي وقطعه عن ، ونفسه معلقة بالحضرة ، فأرسل ثاني يوم الهزيمة إلى ابن رائق البريدي يعتذر إليه مما جرى ، ويقول له : أنت بدأت وتعرضت بي ، وقد عفوت عنك وعن أصحابك ، ولو تبعتهم لغرق وقتل أكثرهم ، وأنا أصالحك على أن أقلدك واسطا إذا ملكت الحضرة ، وأصاهرك ، فسجد البريدي شكرا [ ص: 71 ] لله تعالى ، وحلف بجكم وتصالحا ، وعاد إلى واسط ، وأخذ في التدبير على ، والاستيلاء على الحضرة ابن رائق ببغداذ .