كان المتقي لله قد أنفذ إلى يستمده على ناصر الدولة بن حمدان البريديين ، فأرسل أخاه نجدة له في جيش كثيف ، فلقي المتقي سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان وابن رائق بتكريت قد انهزما ، فخدم سيف الدولة للمتقي خدمة عظيمة ، وسار معه إلى الموصل ، ففارقها ناصر الدولة إلى الجانب الشرقي ، وتوجه نحو معلثايا ، وترددت الرسل بينه وبين ، حتى تعاهدا واتفقا ، فحضر ابن رائق ناصر الدولة ونزل على دجلة بالجانب الشرقي ، فعبر إليه الأمير أبو منصور بن المتقي يسلمان عليه ، فنثر الدنانير والدراهم على ولد المتقي ، فلما أرادوا الانصراف من عنده ركب وابن رائق ابن المتقي ، وأراد الركوب ، فقال له ابن رائق ناصر الدولة : تقيم اليوم عندي لنتحدث فيما نفعله ، فاعتذر ابن رائق بابن المتقي ، فألح عليه ابن حمدان ، فاستراب به ، وجذب كمه من يده فقطعه ، وأراد الركوب فشب به الفرس فسقط ، فصاح ابن حمدان بأصحابه : اقتلوه . فقتلوه ، وألقوه في دجلة .
وأرسل ابن حمدان إلى المتقي يقول : إنه علم أن أراد أن يغتاله ، ففعل به ما فعل ، فرد عليه المتقي ردا جميلا ، وأمره بالمسير إليه ، فسار ابن رائق ابن حمدان إلى المتقي لله ، فخلع عليه ، ولقبه " ناصر الدولة " ، وجعله أمير الأمراء ، وذلك مستهل شعبان ، وخلع على أخيه أبي الحسين علي ، ولقبه " سيف الدولة " .
وكان قتل يوم الاثنين لتسع بقين من رجب . [ ص: 105 ] ولما قتل ابن رائق ، سار ابن رائق الإخشيد من مصر إلى دمشق ، وكان بها محمد بن يزداد خليفة ، فاستأمن إلى ابن رائق الإخشيد وسلم إليه دمشق ، فأقره عليها ، ثم نقله عنها إلى مصر وجعله على شرطتها ، ويقال أن شعرا منه : لابن رائق
يصفر وجهي إذا تأمله طرفي ويحمر وجهه خجلا حتى كأن الذي بوجنته
من دم قلبي إليه قد نقلا
وقد قيل : إنها للراضي بالله ، وقد تقدم .