ذكر سيف الدولة بواسط حال
قد ذكرنا مقام سيف الدولة علي بن حمدان بواسط بعد انحدار البريديين عنها ، وكان يريد الانحدار إلى البصرة لأخذها من البريدي ، ولا يمكنه لقلة المال عنده ، ويكتب إلى أخيه في ذلك ، فلا ينفذ إليه شيئا ، وكان توزون وخجخج يسيئان الأدب ويتحكمان عليه .
ثم إن ناصر الدولة أنفذ إلى أخيه مالا مع أبي عبد الله الكوفي ليفرقه في الأتراك ، فأسمعه توزون وخجخج المكروه ، وثارا به ، فأخذه سيف الدولة وغيبه عنهما وسيره إلى بغداذ ، وأمر توزون أن يسير إلى الجامدة ويأخذها وينفرد بحاصلها ، وأمر خجخج أن يسير إلى مذار ويحفظها ويأخذ حاصلها ، [ ص: 116 ] وكان سيف الدولة يزهد بالأتراك في العراق ، ويحسن لهم قصد الشام معه والاستيلاء عليه وعلى مصر ، ويقع في أخيه عندهم ، فكانوا يصدقونه في أخيه ، ولا يجيبونه إلى المسير إلى الشام معه ، ويتسحبون عليه ، وهو يجيبهم إلى الذي يريدونه .
فلما كان سلخ شعبان ، ثار الأتراك بسيف الدولة فكبسوه ليلا ، فهرب من معسكره إلى بغداذ ، ونهب سواده ، وقتل جماعة من أصحابه .
وأما ناصر الدولة فإنه لما وصل إليه أبو عبد الله الكوفي وأخبره الخبر ، برز ليسير إلى الموصل ، فركب المتقي إليه ، وسأله التوقف عن المسير ، فأظهر له الإجابة إلى أن عاد ، ثم سار إلى الموصل ونهبت داره ، وثار الديلم والأتراك ودبر الأمر من غير تسمية بوزارة . أبو إسحاق القراريطي
وكانت إمارة ناصر الدولة أبي محمد الحسين بن عبد الله بن حمدان ببغداذ ثلاثة عشر شهرا وخمسة أيام ، ووزارة أبي العباس إلى الأصبهاني أحدا وخمسين يوما ، ووصل سيف الدولة إلى بغداذ .