[ ص: 124 ] 332
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة
ذكر المتقي إلى الموصل مسير
في هذه السنة أصعد المتقي لله إلى الموصل .
وسبب ذلك ما ذكرناه أولا من سعاية ابن مقلة والترجمان مع المتقي بتوزون وابن شيرزاد ، ثم إن ابن شيرزاد وصل خامس المحرم إلى بغداذ في ثلاثمائة غلام جريدة ، فازداد خوف المتقي ، وأقام ببغداذ يأمر وينهى ، ولا يراجع المتقي في شيء .
وكان المتقي قد أنفذ يطلب من إنفاذ جيش إليه ليصحبوه إلى ناصر الدولة بن حمدان الموصل ، فأنفذهم مع ابن عمه أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان ، فلما وصلوا إلى بغداذ نزلوا بباب حرب ، واستتر ابن شيرزاد ، وخرج المتقي إليهم في حرمه ، وأهله ، ووزيره ، وأعيان بغداذ ، مثل سلامة الطولوني ، وأبي زكرياء يحيى بن سعيد السوسي ، وأبي محمد المارداني ، ، وأبي إسحاق القراريطي وأبي عبد الله الموسوي ، وثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الطبيب ، وأبي نصر محمد بن ينال الترجمان ، وغيرهم .
ولما سار المتقي من بغداذ ، ظلم ابن شيرزاد الناس وعسفهم وصادرهم ، وأرسل إلى توزون وهو بواسط يخبره بذلك ، فلما بلغ توزون الخبر ، عقد ضمان واسط على البريدي وزوجه ابنته ، وسار إلى بغداذ وانحدر سيف الدولة وحده إلى المتقي لله بتكريت ، فأرسل المتقي ( إلى ناصر الدولة يستدعيه ويقول له : لم يكن الشرط معك إلا أن تنحدر إلينا ، فانحدر ، فوصل إلى تكريت في الحادي والعشرين من ربيع الآخر ، وركب المتقي إليه ، فلقيه بنفسه وأكرمه .
وأصعد الخليفة إلى الموصل ، وأقام ناصر الدولة بتكريت ، وسار توزون نحو تكريت ، فالتقى هو تحت وسيف الدولة بن حمدان تكريت بفرسخين ، فاقتتلوا ثلاثة أيام ، ثم انهزم سيف الدولة يوم الأربعاء لثلاث بقين من ربيع الآخر ، وغنم توزون والأعراب سواده وسواد أخيه ناصر الدولة ، وعادا من تكريت إلى الموصل ومعهما المتقي لله ) .
[ ص: 125 ] وشغب أصحاب توزون ( فعاد إلى بغداذ ، وعاد سيف الدولة وانحدر ، فالتقى هو وتوزون بحربى ) في شعبان ، فانهزم سيف الدولة مرة ثانية ، وتبعه توزون .
ولما بلغ سيف الدولة إلى الموصل ، سار عنها هو وأخوه ناصر الدولة والمتقي لله ومن معهم إلى نصيبين ، ودخل توزون الموصل ، فسار المتقي إلى الرقة ، ولحقه سيف الدولة ، وأرسل المتقي إلى توزون يذكر أنه استوحش منه لاتصاله بالبريدي ، وأنهما صارا يدا واحدة ، فإن آثر رضاه يصالح سيف الدولة وناصر الدولة ليعود إلى بغداذ ، وتردد أبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي من الموصل إلى توزون في ذلك ، فتم الصلح ، وعقد الضمان على ناصر الدولة لما بيده من البلاد ثلاث سنين ، كل سنة بثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم ، وعاد توزون إلى بغداذ ، وأقام المتقي عند بني حمدان بالموصل ، ثم ساروا عنها إلى الرقة فأقاموا بها .