[ ص: 131 ] ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة في رمضان مات  أبو طاهر الهجري  رئيس القرامطة   ، أصابه جدري فمات ، وكان له ثلاثة إخوة منهم :  أبو القاسم سعيد بن الحسن  ، وهو الأكبر ،  وأبو العباس الفضل بن الحسن  ، وهذان كانا يتفقان مع  أبي طاهر  على الرأي والتدبير ، وكان لهما أخ ثالث لا يجتمع بهما ، وهو مشغول بالشرب واللهو . 
وفيها في جمادى الأولى غلت الأسعار في بغداذ  حتى بيع القفيز الواحد من الدقيق الخشكار بنيف وستين درهما ، والخبز الخشكار ثلاثة أرطال بدرهم . 
وكانت الأمطار كثيرة مسرفة جدا حتى ( خربت المنازل ، ومات خلق كثير تحت الهدم ، ونقصت قيمة العقار حتى ) صار ما كان يساوي دينارا يباع بأقل من درهم حقيقة ، وما يسقط من الأبنية لا يعاد ، وتعطل كثير من الحمامات ، والمساجد ، والأسواق ; لقلة الناس ، وتعطل كثير من أتاتين الآجر ; لقلة البناء ، ومن يضطر إليه اجتزأ بالأنقاض ، وكثرت الكبسات من اللصوص بالليل والنهار من أصحاب  ابن حمدي  ، وتحارس الناس بالبوقات ، وعظم أمر  ابن حمدي  فأعجز الناس ، وأمنه  ابن شيرزاد  وخلع عليه ، وشرط معه أن يوصله كل شهر خمسة عشر ألف دينار مما يسرقه هو وأصحابه ، وكان يستوفيها من  ابن حمدي  بالروزات ، فعظم شره حينئذ ، وهذا ما لم يسمع بمثله . 
ثم إن  أبا العباس الديلمي  ، صاحب الشرطة ببغداذ  ، ظفر  بابن حمدي  فقتله في جمادى الآخرة ، فخف عن الناس بعض ما هم فيه . 
وفيها في شعبان وهو الواقع في نيسان ، ظهر في الجو شيء كثير ستر عين   [ ص: 132 ] الشمس ببغداد  ، فتوهمه الناس جرادا لكثرته ، ولم يشكوا في ذلك إلى أن سقط منه شيء على الأرض ، فإذا هو حيوان يطير في البساتين وله جناحان قائمان منقوشان ، فإذا أخذ الإنسان جناحه بيده بقي أثر ألوان الجناح في يده ويعدم الجناح ، ويسميه الصبيان طحان الذريرة . 
وفيها استولى  معز الدولة  على واسط   ، وانحدر من كان من أصحاب  البريدي  فيها إلى البصرة    . 
وفيها قبض   سيف الدولة بن حمدان  على  محمد بن ينال الترجمان  بالرقة  وقتله ، وسبب ذلك أنه قد بلغه أنه قد واطأ  المتقي  على الإيقاع  بسيف الدولة     . 
وفيها عرض  لتوزون  صرع وهو جالس للسلام ، والناس بين يديه ، فقام  ابن شيرزاد  ومد في وجهه ما ستره عن الناس ، فصرفهم وقال : إنه قد ثار به خمار لحقه . 
وفيها ثار  نافع غلام يوسف بن وجيه  صاحب عمان  على مولاه  يوسف  ، وملك البلد بعده . 
وفيها دخل الروم  رأس عين في ربيع الأول  ، فأقاموا بها ثلاثة أيام ونهبوها ، وسبوا من أهلها ، وقصدهم الأعراب ، فقاتلوهم ففارقها الروم  ، وكان الروم  في ثمانين ألفا مع الدمستق . 
وفيها في ربيع الأول ، استعمل   ناصر الدولة بن حمدان  أبا بكر محمد بن علي بن مقاتل  على طريق الفرات ، وديار مضر ، وجند قنسرين ، والعواصم ، وحمص  ، وأنفذه إليها من الموصل  ومعه جماعة من القواد ، ثم استعمل بعده في رجب من السنة ابن عمه  أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان  على ذلك ، فلما وصل إلى الرقة  منعه أهلها ، فقاتلهم فظفر بهم ، وأحرق من البلد قطعة ، وأخذ رؤساء أهلها وسار إلى حلب    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					