ذكر معز الدولة على بغداذ استيلاء
لما كاتب ينال كوشة وهو معز الدولة بن بويه بالأهواز ، ودخل في طاعته ، سار معز الدولة نحوه ، فاضطرب الناس ببغداذ ، فلما وصل إلى باجسرى ، اختفى المستكفي بالله وابن شيرزاد ، وكانت إمارته ثلاثة أشهر وعشرين يوما ، فلما استتر ، سار الأتراك إلى الموصل ، فلما أبعدوا ظهر المستكفي وعاد إلى بغداذ إلى دار الخلافة ، وقدم صاحب أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي معز الدولة إلى بغداذ ، فاجتمع بابن شيرزاد بالمكان الذي استتر فيه ، ثم اجتمع بالمستكفي ، فأظهر المستكفي السرور بقدوم معز الدولة ، وأعلمه أنه إنما استتر من الأتراك ليتفرقوا فيحصل الأمر لمعز الدولة بلا قتال .
ووصل معز الدولة إلى بغداذ حادي عشر جمادى الأولى ، فنزل بباب الشماسية ، ودخل من الغد على الخليفة المستكفي وبايعه ، وحلف له المستكفي ، وسأله معز الدولة أن يأذن لابن شيرزاد بالظهور ، وأن يأذن أن يستكتبه ، فأجابه إلى ذلك ، فظهر ابن شيرزاد ، ولقي معز الدولة ، فولاه الخراج وجباية الأموال ، وخلع الخليفة على معز الدولة ، ولقبه ذلك اليوم " معز الدولة " ، ولقب أخاه ( عليا ) " عماد الدولة " ، ولقب أخاه الحسن " ركن الدولة " ، وأمر أن تضرب ألقابهم وكناهم على الدنانير والدراهم .
[ ص: 158 ] ونزل معز الدولة بدار مؤنس ، ونزل أصحابه في دور الناس ، فلحق الناس من ذلك شدة عظيمة ، وصار رسما عليهم بعد ذلك ، وهو أول من فعله ببغداذ ، ولم يعرف بها قبله .
وأقيم للمستكفي بالله كل يوم خمسة آلاف درهم لنفقاته ، وكانت ربما تأخرت عنه ، فأقرت له مع ذلك ضياع سلمت إليه تولاها أبو أحمد الشيرازي كاتبه .