ذكر سوء بختيار وفساد حاله سيرة
لما حضرت معز الدولة الوفاة وصى ولده بختيار بطاعة عمه ركن الدولة ، واستشارته في كل ما يفعله ، وبطاعة عضد الدولة ابن عمه ، لأنه أكبر منه سنا ، وأقوم بالسياسة ، ووصاه بتقرير كاتبيه ، أبي الفضل العباس بن الحسين وأبي الفرج محمد بن العباس ، ( لكفايتهما وأمانتهما ، ووصاه بالديلم والأتراك ) وبالحاجب سبكتكين ، فخالف هذه الوصايا جميعها ، واشتغل باللهو واللعب ، وعشرة النساء ، والمساخر ، والمغنين ، وشرع في إيحاش كاتبيه وسبكتكين ، فاستوحشوا ، وانقطع سبكتكين عنه فلم يحضر داره .
ونفى كبار الديلم عن مملكته شرها إلى إقطاعاتهم وأموالهم وأموال المتصلين بهم ، فاتفق أصاغرهم عليه ، وطلبوا الزيادات ، واضطر إلى مرضاتهم ، واقتدى بهم الأتراك فعملوا مثل ذلك ، ولم يتم له على سبكتكين ما يريد لاحتياطه ، واتفق الأتراك معه ، وخرج الديلم إلى الصحراء ، وطالبوا بختيار بإعادة من أسقط منهم ، فاحتاج أن يجيبهم لتغير سبكتكين عليه ، وفعل الأتراك أيضا مثل فعلهم .
واتصل خبر موت معز الدولة بكاتبه ، وهو متولي أمر أبي الفرج محمد بن العباس عمان ، فسلمها إلى نواب عضد الدولة وسار نحو بغداذ .
وكان سبب تسليمها إلى عضد الدولة أن بختيار لما ملك بعد موت أبيه تفرد أبو الفضل بالنظر في الأمور ، فخاف أبو الفرج أن يستمر انفراده عنه ، فسلم عمان إلى عضد الدولة لئلا يؤمر بالمقام فيها لحفظها وإصلاحها ، وسار إلى بغداد ، فلم يتمكن من الذي أراد ، وتفرد أبو الفضل بالوزارة .